عوادم السيارات وتلوث الهواء

رغم اننا تأخرنا لسنوات عديدة في قياس تركيز الملوثات المنبعثة من عوادم السيارات والتي تهدف الى الحد من التلوث وآثاره السلبية على الصحة العامة، الا اننا نعتبر الاجراءات الاخيرة بفحص المركبات واستخدام اجهزة متخصصة لكل من السيارات العاملة على البنزين والديزل خطوة اساسية للحد من هذا التلوث الذي تعاني منه معظم العواصم والمدن الكبيرة في دول العالم الثالث.
 قضية التلوث الناجم عن عوادم السيارات، يجب ان تؤرقنا، وان تعطى الاولوية، لأن السيارة التي ينبعث منها الدخان الفاسد هي قاتل متنقل، ولا تقل خطورة عن حوادث السير التي توقع آلاف الجرحى في كل عام.
 والذي يبدو من النتائج الاولية لعمليات فحص الغازات المنبعثة من السيارات على عينات عشوائية في عمان ان القضية لا تتعلق بالسيارات العاملة على الديزل وانها السبب المباشر للتلوث، وان كان انبعاث الغاز الاسود منها يظهر للعيان مباشرة لانه ثبت بعد اجراء الفحص ان ثلاثين بالمئة فقط من السيارات العاملة على الديزل ينجم عنها التلوث، فيما ثبت ان خمسين بالمئة من السيارات العاملة على البنزين ينجم عنها التلوث، وبخطر اكبر لان انبعاث الغازات الملوثة من سيارات البنزين لا يرى بالعين مباشرة ولكن باجهزة خاصة توضع على عوادم السيارات.
 السائق ليس له علاقة مباشرة بهذا التلوث، الا اذا اكتشف لون الدخان الاسود، وانه لا يفترض بكل سائق ان يعرف بالميكانيك، ونسبة احتراق البنزين، او الديزل، وان هذا الامر يتعلق بأصحاب محلات الميكانيك والكراجات، وان تأهيل هؤلاء يعتبر الخطوة الاولى على طريق التأكد من سلامة السيارات، وان الغازات المنبعثة منها لا تشكل خطرا على الصحة العامة.
 باعتقادي ان على اصحاب وكالات السيارات في المملكة عقد دورات عملية لاصحاب الكراجات لتدريبهم على انجع السبل لصيانة كل نوع من انواع السيارات والتأكد من عدم وجود آثار سلبية للغازات المنبعثة، كما ان هذه الوكالات وعبر الكراجات التابعة لها مباشرة يمكنها وضع اجهزة لفحص وقياس تركيز الملوثات من عوادم السيارات واجراء الصيانة اللازمة مرة كل ستة اشهر وبأجور معقولة.
 وحتى تكون الامور واضحة فان موضوع التلوث البيئي الناجم عن عوادم السيارات لا يتعلق في بعض الاحيان بالسائق، او الميكانيكي، لكنه يرتبط ارتباطا مباشرا بنوعية البنزين او الديزل الذي يتم انتاجه هنا او في دول اخرى، لان السيارات العاملة على الديزل في المانيا، تعتبر صديقة للبيئة ولا ينجم عنها اية ملوثات، ليس للاستمرار في الصيانة الدورية لهذه السيارات فقط ولكن لنوعية الديزل الذي تستعمله والذي تكون نسبة الكبريت فيه قليلة.
 لا ادل على ذلك من ان سائقي السيارات الذين يستعملون البنزين من دول عربية مجاورة يشعرون بالفارق السلبي او الايجابي مقارنة باستعمالهم البنزين من المحطات الاردنية.
 وحتى تنجح الحملة فاننا نأمل ان يتم تطبيق التعليمات على جميع وسائط النقل الرسمية اولا، بما في ذلك الوزارات والدوائر الحكومية والمؤسسات العامة، وشركات النقل الكبرى وباصات مؤسسة النقل العام، وخاصة تلك الباصات العاملة على الديزل، وكذلك باصات الجامعات وكليات المجتمع والمدارس، وان يكون الهدف من وراء هذه الحملة هو التوعية وحماية المواطن من التلوث، لا التهديد بسحب الرخصة وتغريم السائق، لان الذين يشاهدون آثار التلوث من عوادم السيارات على المباني وسط العاصمة، والتي تحولت الى اللون الرمادي والاسود، يعرفون حجم هذا الضرر الذي يلحق بالانسان، وان الاستمرار في استنشاق الهواء الملوث يعتبر سببا رئيسيا بالاصابة بالسرطان وامراض الرئة.