تصنيف أكاديمي عربي للجامعات العربية

أ.د.يونس مقدادي

لقد شهدت الجامعات ومنذ عقد من الزمن وفي جميع أنحاء العالم تحدياً جديداً مع ظهور ما يسمى بالتنصيفات الأكاديمية العالمية والمتضمنة جملة من المعايير ذات الملفات المتنوعة بمتطلباتها ، والتي أصبحت بحد ذاتها مفروضة على الجامعات الراغبة بالالتحاق بركب الجامعات العالمية ذات السمعة والمكانة الأكاديمية، شريطة الإيفاء بمتطلبات تلك المعايير والتي تُديرها مؤسسات عالمية متخصصة ومعروفة للوسط الأكاديمي ومؤسسات التعليم الجامعي في جميع أنحاء العالم.

وهذه التصنيفات الأكاديمية أصبحت محل إهتمام حاكمية جامعاتنا العربية بإعتبارها جزءاً من هذا العالم الواسع والمتغير في تحدياته، الأمر الذي دفع بالجامعات العربية بالإستجابة لمتطلبات معايير هذه التصنيفات الأكاديمية العالمية تطلعاً منها إلى تحقيق نقلة نوعية في جميع المسارات التعليمية والتعلمية والبحثية وتوظيف الخريجين…الخ، للحصول على موقع تنافسي وإظهار مكانتها المرموقة وهويتها المتميزة لتكون في مصاف الجامعات محلياً وأقليمياً وعالمياً.

مما لا شك فيه بإن هذه التصنيفات الأكاديمية بالنسبة للجامعات قد أصبحت بمثابة المدخل الحقيقي  لتحقيق درجة ما من التنافسية والمكانة ما بين الجامعات حال الحصول عليها والرامية إلى وضع الجامعات في ترتيب تنافسي مرموق حرصاً منها على البقاء في طليعة الجامعات محلياً وأقليمياً وعالمياً، وبنفس الوقت تمكنها من الالتحاق بركب الجامعات العالمية لتحقيق أكبر قدر من المكاسب الجوهرية الهادفة إلى تطوير مدخلاتها ومخرجاتها وكما هو معمول به بمثيلاتها في الجامعات العالمية.

ولكن الكثير من المهتمين بالشأن الأكاديمي محلياً وعربياً يتساءلون عن أسباب غياب مؤسسات عربية متخصصة تعنى بالتصنيف الأكاديمي الجامعي كما هو الحال في دول العالم المتقدم، على الرغم من وجود إتحاد عام للجامعات العربية منذ عقدين من الزمن ويزيد، وهذا الاتحاد يعنى بجميع الجامعات العربية الأعضاء فيه، ناهيك عن وجود كفاءات عربية متميزة ومتخصصة في معايير التصنيف الأكاديمي بكافة معاييره بما يتناسب مع خصوصية الجامعات العربية والثقافة والبئية العربية، بحيث يكون هذا التصنيف رديف ومنافس للتصنيفات الأكاديمية العالمية الأخرى أو أحدها ، ويكون هذا التصنيف النواة للأنطلاق إلى العالمية بهوية أكاديمية عربية.

أن ما يحدث من تسابق نحو التصنيفات الأكاديمية العالمية من قبل الجامعات العربية قد دفع بالمهتمين بالشأن الأكاديمي وأساتذة الجامعات بالتطلع نحو إيجاد تصنيف أكاديمي عربي يعمل ضمن معايير عالية المستوى ومنافساً للتصنيفات الأكاديمية العالمية، ولا نرى ما يمنع أيضاً أن يكون هذا التصنيف بالتشاركية مع الجامعات العربية والاسلامية معاً والتي أصبح عددها بالمئات في العالم العربي والاسلامي.

أن هذا التطلع نحو تصنيف أكاديمي عربي ليس مقترحاً للحديث فيه فقط بل أصبح مطلباً يهم الشأن العام للجامعات العربية التي تتطلع إلى أن يكون هناك تصنيفاً يراعي خصوصية الجامعات العربية مع الحرص الأكيد على تطبيق معايير عالية المستوى ومنافسة عالمياً لتكون جامعاتنا وكما عرفنها متميزة بمكانتها وسمعتها الأكاديمية والساعية دوماً بأن تكون في الطليعة على الرغم من التحديات وضعف في الإمكانيات، ولكننا نتأمل على أن يكون هذا المشروع محل أهتمام أصحاب القرار في مؤسسات التعليم الجامعي العربي لأهميته وأن يخرج إلى حيز الوجود وبالوقت القريب.