نحو سياسات قبول جامعي تحقق معايير الجودة الأكاديمية

بقلم: أ.د.يونس مقدادي

منذ تأسيس الجامعة الأردنية الأم كأول جامعة أردنية حتى وقتنا الحالي وبما يقارب من ستون عاماً مضت وجامعاتنا مازالت تعتمد وبشكلٍ رئيس في قبولها لطلبة مرحلة البكالوريوس على معدل الثانوية العامة كمعيار وحيد دون غيره بإعتباره المعيار القادر على تحقيق العدالة في قبول الطلبة وتوزيعهم على كافة التخصصات الجامعية المتاحة في الجامعات الأردنية وذلك من خلال ما يسمى بالقبول الموحد أو التنافسي.

لكن الكثير من المختصين في التعليم الجامعي لهم وجهة نظر أخرى لتطوير سياسات القبول في الجامعات لتكون المدخل الحقيقي لتحسين مدخلات منظومة التعليم الجامعي ومخرجاته، وتكمن وجهة النظر هذه  بإن معدل الثانوية العامة لوحده غير كافي للقبول بإعتباره يعكس فقط المجموع التحصيلي للطلبة في المواد الدراسية في الفرعين  العلمي و الادبي …الخ. ولكن من الناحية الواقعية لا يشكل علاقة ارتباطية ايجابية قوية بالنتائج التي يحققها الطالب في الدراسة الجامعية اي في التخصص الجامعي الذي قبل فيه. وهذا يعني  أن مرحلة الدراسة الثانوية ماهي إلا مرحلة أنتقالية من التعليم الثانوي الى التعليم الجامعي فحسب.

ونلاحظ بناءً على استقصاء أسس القبول الجامعي في بعض دول العالم ومنها العربية إن بعض الدول تعتمد على نسبة مئوية من تحصيل الطالب خلال السنوات الثالثة الاخيرة في الدراسة الثانوي كاساس للقبول، والبعض الأخر تعتمد على نسبة مئوية من معدل الثانوية العامة( التوجيهي) ، وهناك دول أخرى تعتمد على إمتحانات قدرات ومهارات محكمة تعقدها الجامعات والتي تُعد من أفضل الخيارات فاعلية وهدفها إختبار قدرات ومهارات الطلبة قبل الالتحاق بالجامعات والتي من خلالها يتم توجيههم نحو تخصصات تتناسب مع قدراتهم لتتيح لهم فرص الابداع والتميز في مسارهم الأكاديمي، ناهيك عن تنظيم عملية القبول في الجامعات بشكلٍ أكثر تناغماً مع توجهات الطلبة ورغباتهم. وبالتالي ستصبح هذه الامتحانات المدخل الحقيقي لتحسين مدخلات منظومة التعليم الجامعي ومخرجاته بالاضافة إلى ترسيخ دور الجامعات في قبول الطلبة ضمن سياسة ما يسمى بالقبول المباشر وفق ما تقتضيه خصوصية وحاجة الجامعات من اعداد ومواصفات محددة تتوافر بالطلبة كشرط للقبول وحسب خصوصية برامجها الأكاديمية المختلفة.

ومن وجهة نظر خاصة نرى بان سياسات القبول في الجامعات بشروطها وإدواتها ومنها امتحانات القدرات والمهارات حال العمل بها ستُعد الأساس الحقيقي لفرز طلبة الثانوية العامة الناجحين والمؤهلين للقبول في الجامعات بتخصصاتها المتنوعة وهذا سيضمن قبول طلبة ذوي قدرات ومهارات فعلية قادرة على ابراز مواهبهم خلال فترة الدراسة الجامعية ليكونوا قادرين على التنافس الحقيقي والحصول على  فرص العمل محلياً ودولياً.  ناهيك عن التغير النوعي الذي سيحصل في العملية التعليمية والتعلمية في الجامعات والتوجه نحو التنافسية من خلال خريجيها وما يتمتعون به من إمكانيات وقدرات ومهارات نابعة من دوافع ذاتية كانت الأساس في قبولهم في الجامعات والتي ستقودهم نحو مستقبل وظيفي مرموق تفتخر به الجامعات. ومن خلال هذا المدخل ستدفع الجامعات بنفسهاعلى تحسين مدخلاتها ومخرجاتها بإعتبار سياسات القبول اللبنة الأساس نحو استكمال تطبيق معايير الجودة الأكاديمية ومنها معيار الطلبة والخريجين بجانب المعايير الأخرى المتعارف عليها والمعمول بها في الجامعات محلياً وعالمياً.