الجامعات الأردنية والتطوير الأكاديمي

بقلم: أ.د.يونس مقدادي – جامعة عمان العربية

 

دأبت الجامعات الأردنية العمل بمفهوم التطوير الأكاديمي بإبعاده المختلفة بإعتباره أحد أهم الأدوات الإستراتيجية الرامية إلى تحقيق نقلة  نوعية وتطوير في مدخلات العملية التعلمية والتعليمية ومخرجاتها بشقيها الأكاديمي والإداري  من ناحية وإبراز هويتها بمزايا غير تقليدية يسودها التطور النوعي مقارنة بمثيلاتها الأقليمية والعالمية من ناحية أخرى.

إن التطوير الأكاديمي قد احتل موقعاً مهماً  في رؤى وخطط الجامعات الإستراتيجية بإعتباره المدخل الحقيقي للنهوض والأرتقاء بكافة مفاصل الحياة الأكاديمية والإدارية لتغيير نمطية الأداء والتوجه نحو الأداء القائم على الجودة والتنافسية لتتمكن بالتالي الجامعات من مواجهة العديد التحديات التي فرضت نفسها على قطاع التعليم الجامعي محلياً وعالمياً.

أننا جميعاً نعلم بإن الجامعات هي المصنع الحقيقي لإعداد الكفاءات والكوادر البشرية المؤهلة التي تلبي إحتياجات سوق العمل ومتطلباته والذي اصبح يعتمد بشكل كبير على مدى إستجابة تلك الجامعات على العمل بمفهوم التطوير الأكاديمي والذي يحمل بمضمونه تحقيق التطور النوعي لمخرجاتها ، والتطوير الأكاديمي لا يقتصر فقط على إعداد وتنفيذ الدورات التدريبية وورش العمل لكوادر الجامعات بل يفوق ذلك بإعتباره منظومة نابعة من فلسفة ورؤى وخطط الجامعات الإستراتيجية والذي من المفترض أن يلقى عناية دقيقة لتوجيه بوصلة الجامعات نحو بناء السمعة والتنافسية الأكاديمية المنشودة .

إن موضوع التطوير الأكاديمي ليس موضوعاً هامشياً كما يعتقد البعض أو كما يتناوله البعض عملياً ضمن طرق ومفاهيم تقليدية ، وإنما هو الأساس والمدخل الحقيقي للنهوض بالجامعات لتكون على مسافة واحدة مما يجري على أرض الواقع من تحديات تعصف بذاتها نحو مسيرتها التعلمية والتعليمية.وهذا يتطلب في حقيقة الأمر من الجامعات جملة من الإجراءات والفهم الحقيقي لأهمية ودور التطوير الأكاديمي قولاً وفعلاً ومن أهمها التقييم الموضوعي لنوعية مدخلات الجامعات وبشكلٍ دوري للحكم وبموضوعية على نتائج الأداء ونسب الإنجازات النوعية وعدم الخلط بين الأعمال الروتينية أو الإعتيادية بالتطوير الأكاديمي, والتي من المفترض أن تستوقف أصحاب القرار لإتخاذ جملة من الإجراءات التصحيحية لتصويب الأخطاء والاختلالات التي تشوب عملية التطوير من اجل دفع مسيرة التطوير الأكاديمي نحو مستقبلٍ أفضل.

ويجدر الأشارة  بإن جامعاتنا تدرك هذه الحقيقة وتبذل جهود كبيرة بهذا الشأن سعياً منها لدفع عجلة التطوير في كافة مفاصل الحياة الأكاديمية والإدارية على الرغم من التحديات التي تعيق هذا التوجه والمعروفة للجميع ومنها على سبيل المثال لا الحصرضعف الأمكانيات المالية والتكنولوجية، وضعف نوعية الأفكار الإبتكارية والإبداعية التطويرية، والقراءة الحقيقية للتوجهات المستقبلية , اضافة الى ضعف برامج وخطط وإنجازات القيادات الأكاديمية الرامية للتطوير، والأعتماد في حالات كثيرة على جهود يسودها الإجتهادات والتوجهات الشخصية غير المدروسة بدلاً من الأعتماد على تجارب الجامعات المرموقة ونتائج الدراسات المسحية والاستطلاعية ، ناهيك عن الفجوة في دافعية القوى العاملة بشقيها الأكاديمي والإداري وإستجابتها للتطوير، والتي تستدعي بمجملها العمل على متابعتها ليتسنى لإدارة الجامعات العمل على وضع الحلول التصحيحية الفعالة لدفع الجامعات نحو التطور المنشود.

وخلاصة لما تقدم يمكن القول بإن التطوير الأكاديمي في الجامعات هو أساس الأزدهار والرقي المؤسسي والمجتمعي على حدٍ سواء، ولا بد من توجيه الجهود نحو بناء منظومة متكاملة هدفها التطور النوعي للجامعات ولتصبح  على مسافة واحدة مع مثيلاتها أقليمياً وعالمياً في ظل ما يجرى من حولنا من تسابق نحو التنافسية والمكانة والسمعة الأكاديمية.