جائحة كورونا تكشف ضعف الظلم خالد الزبيدي

اي دولة او شعب مهما كانت الموارد الطبيعية شحيحة الا ان متطلبات العيش الكريم ممكن، كما ان الفائض لدى الدول والشعوب الأخرى قادر على جسر اي فجوة ممكنة، الا ان الظلم والاستبداد والاستقواء أسس عبر التاريخ للكوارث التي تضرب هنا او هناك بين الحين والآخر، لذلك شنت الحروب منذ فجر التاريخ وسيرت الجيوش عبر القارات في ظل غياب العدالة واحترام حق الآخر، ومع التطورات المتسارعة للبشرية خلال مائة العام الماضية تنامت عقدة التفوق والاستحواذ بأشكال مختلفة وشرعنة طغم الاستعمار وإذلال الآخرين وتقاسمت وخيراته تحت طائلة الظلم والقتل.

أكثر شعوب الأرض تعرضا للظلم خلال العقود الماضية من خلال حروب همجية شنتها فرنسا ثم الولايات المتحدة الأمريكية على فيتنام حيث تم قتل وتشريد ملايين الفيتناميين وهدم وحرق المنازل والحقول بدون سبب حقيقي اللهم عقدة والتفوق وسلب الحق الطبيعي للناس، ويمكن القول ان كميات القنابل التي ألقت بها الطائرات الأمريكية وآلتها العسكرية يفوق ما استخدم في الحرب العالمية الثانية، وبرغم ذلك ارتدت محاولات الإذلال إلى البيت الأبيض والبنتاغون، وانتصر الفيتناميون بالرغم من القوة والمال والعسكرتاريا المتقدمة.

حروب أخرى شنتها دول الغرب بقيادة بريطانيا ولاحقا أمريكا على شعوب المنطقة.. فلسطين، العراق، سوريا، وليبيا، كل هذه الحروب تشكل انحرافا عن طبيعة البشر والإنسانية، فالكلف الهائلة على التسلح والاعتداءات والتآمر يفوق تكاليف احتياجات البشر من العيش الكريم ووصول مستويات الرفاهية والازدهار، فالحروب تدمي لكنها تحقق أموالا طائلة لطغم سياسية واحتكارات معلنة ومخفية، ومن يقرأ التاريخ الحديث من التآمر والقتل يجده مذهلا يظهر مدى بشاعة نظم ..عصابات ومجرمين وكارتيلات عنف عابرة للدول والعقود.

مع دخول البشرية العام 2020 انتشرت جائحة فيروس كوفيد 19 دول العالم فالإصابات المؤكدة تجاوزت ثلاثة ملايين نسمة ووفاة قرابة 220 ألفا، عدد المصابين والوفيات متدنية نسبة الى تعداد سكان المعمورة، الا ان الأثر الاقتصادي والاجتماعي هائل، ومنيت الشركات والبنوك بخسائر مؤلمة وتعطلت مرافق الإنتاج، ودخل الاقتصاد العالمي في نفق مظلم قد يستمر حتى نهاية العام المقبل.

الانهيار المالي والتباطؤ الاقتصادي سببه فقاعات متلاحقة أنتجها النظام المالي العالمي منذ أكثر من مئة عام، فالدين العام لدول العالم يشكل ثلاثة أضعاف الناتج الإجمالي العالمي، وهذا يظهر مدى تلاعب الماليون بالاقتصاد وتحويل البشر وقطاعات استثمارية الى مجرد عبيد يعملون لتمويل خدمة ديونهم وهذا يكاد يمتد الى عدد من الدول، لذلك كشفت الجائحة مدى ضعف نظام الإستبداد والاستحواذ المنافي للأديان والقوانين السماوية والوضعية، والأغلب ان العالم قد يعاني ليخرج في النهاية من نفق مظلم الى حياة أفضل اقل استبدادا وظلما.