الأستثمار الفكري في الجامعات بقلم: أ.د. يونس مقدادي

تُعد الجامعات منارة للفكر والتعليم ،ومجتمعات للعقول،وصناعة المعرفة، ومصنعاً لأجيال المستقبل القادرة على تحمل المسؤولية حال إنخراطهم بسوق العمل في مختلف القطاعات، وبإعتبارها مؤسسات حيوية فهي تؤمن بالأستثمار برأسمال البشري للعمل على تزويد طلبتها بالعلم والمعرفة وإكسابهم المهارات الشخصية والتحليلية ليتم توظيفها بشكلٍ فاعل في كافة مناحي الحياة ومتطلباتها نحو بناء مجتمعاً متكامل يسوده العلم والمعرفة والقدرات بكل أنوعها لتمكين الطلبة الخريجين من التكيف مع التطورات والتحديات وعلى مختلف الصُعد.

واليوم نجد أهتماماً متزايداً من جميع دول العالم بالتعليم وبمختلف أنواعه ومستوياته نظراً لأهميته ودوره الفاعل في تحقيق التنمية المستدامة لتتمكن تلك الدول من الحفاظ على مكانتها في ظل التحولات والتغيرات كالعولمة، وثورة المعلومات، والأنفتاح الأقتصادي والإجتماعي، والتنافسية العالمية، مما لا شك من أن التعليم أحد الركائز الأساسية في بناء المجتمعات وتحضرها والقائم على المعرفة سبيلاً لمواجهة التحديات التي تعصف بالمجتمعات من حين إلى أخر.

أن رؤية ورسالة وأهداف الجامعات بإعتبارها المصنع الحقيقي للتعلم ولمعرفة ورفد مؤسسات المجتمع المحلي بالكوادرالمؤهلة والمتميزة ليكون العنصر الحقيقي والعقل المدبر في رفع سوية الأنتاجية بجدارة وكفاءة عالية  في القطاعين العام والخاص، وإنعكاساته على الناتج القومي وتحسين ظروف المعيشية لحياة الفرد والمجتمع ككل، وبالتالي فأن ترجمة رؤية ورسالة وأهداف الجامعات إلى واقعاً ملموس ومستقبلاً منظور إذ يتطلب إهتماماً كبيراً من حاكميتها وبشكلٍ خاص في بناء إستراتيجيات تعليمية ذات بعُد إستراتيجي يخدم مستقبل المسيرة التعليمية من ناحية وتطلعات الفرد والمجتمع المستقبلية من ناحية أخرى.

مما لا شك فيه بإن عضو هيئة التدريس والمتمثل بالعنصر البشري أوالفكري والذي يعُد من أهم المدخلات  الرئيسية للعملية التعليمية والتعلمية، وبإعتباره الأداة التنفيذية في صناعة الأجيال من خلال علمه الذي لا ينضب وخبراته التراكمية، وقدراته الشخصية والسلوكية في صقل شخصية الطالب لتحضيره ورفده لسوق العمل متسلحاً بالعلم والمعرفة والمهارات اللازمة لمواكبة سوق العمل ومتطلباته بكفاءة وإقتدار. ونجد الطلبة بالمقابل قبل وبعد التخرج يتفاخرون بجامعاتهم وبشكلٍ خاص أساتذتهم ممن تركوا بصمات العلم والمعرفة والاحترام والقيم الأخلاقية في عقولهم ونفوسهم، مما يستدعى ذلك الأهتمام بعضو هيئة التدريس وتوفير كافة متطلباته المادية والمعنوية ، والاستقرار الوظيفي وبعيداً عن مفهوم الربح والخسارة بإعتبار الأستثمار بإعضاء هيئة التدريس هو بمثابة القيمة المضافة والمرآة الحقيقية التي تعكس نتاجاته الفكرية والمعرفية والتي تسهم بالتالي في بناء الصورة الذهنية والسمعة الطيبة وإستقرار العملية التعليمية للجامعة من ناحية وتشكيل مناخاً جامعي ومؤسسي دافئ من ناحية أخرى.

أن الأستثمار الفكري بمضامينه لعضو هيئة التدريس في الجامعات قد أصبح يتمثل دوره وبصور مختلفة ومن أهمها معيار الأعتماد الأكاديمي وشروطه، والجودة الأكاديمية ومتطلباتها، والتصنيف الأكاديمي، والخطط الاستراتيجية للجامعات، مما يؤكد كل ذلك على مدى أهمية دور عضو التدريس في العملية التعليمية والتعلمية وبشكلٍ خاص ممن هم من ذوي المؤهلات العلمية ومصدرها وتصنيفها الأكاديمي، والخبرات التراكمية ، وبالتالي أجد من الضروري أن تقوم حاكمية الجامعات بالمحافظة عليه لضمان سير العملية التعليمية بكفاءة وفاعلية عالية، وعلى جميع الأحوال فأن الأستثمار الفكري والمتمثل بعضو هيئة التدريس سيجلل من خلال قياس نتاجات التعلم وسمعة الجامعات ومكانتها في الوسط الأكاديمي لكي تتمكن من ترجمة رؤيتها ورسالتها وأهدافها  نحو مستقبلٍ أفضل. حمى الله الوطن وقيادته الحكيمة وشعبنا الطيب من كل مكروه.