الأطر التشريعية لمنظومة التعليم عن بُعد،

بقلم: أ.د.يونس مقدادي – جامعة عمان العربية

ما زال الكثير يتحدث عن إيجابيات وسلبيات منظومة التعليم عن بُعد منذ العمل به كخيار وحيد في ظل جائحة كورونا، وقد مضى فعلياً على إستخدامه عام دراسي كامل على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلت من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والجامعات لضبط العملية التعليمية عبر هذه المنظومة. ولكن ما زالت الاجراءات والتدابير الخاصة بهذه المنظومة تقتصرعلى توجيهات وقرارات توجيهيه لتسيير وضبط العملية التعليمية عن بُعد مع غياب الحلقة الأهم وهي الآطر التشريعية لهذه المنظومة والتي باتت بإعتقاد الجميع من الضرورة بمكان الإسراع بإعدادها ضمن إجراءات وتعليمات ناظمة لتؤدي عملها لتكون خياراً حقيقي تعمل ضمن مرجعيات تشريعية تستند عليها الجامعات في عملها الأكاديمي وما ينبثق عنها من قرارات وتوجيهات تتعلق بإدارة الشؤون الأكاديمية والإدارية والمالية ومن مختلف مجالس الحاكمية فيها.

إن إدراج منظومة التعليم عن بُعد بأدواتها وتطبيقاتها في سياسات التعليم الجامعي والخطط الإستراتيجية للجامعات يتطلب آطراً تشريعية معتمدة رسمياً حتى وإن كانت خياراً للتعليم الجامعي الى جانب التعليم الوجاهي، وذلك لتمكين الجامعات العمل بموجبها القانوني وأن لايقتصر الحديث عليها في اطار توجيهات أو بعض الإجراءات تُتخذ من حين إلى آخر لتسيير العملية التعليمية. لذلك نعتقد بإنه من الضرورة بإن تكون هناك تشريعات تخرج إلى حيز الوجود لينبثق عنها تعليمات مُحكمة تُضاف إلى قانون وتعليمات الجامعات الأردنية الناظمة.

ولدينا شواهد عديدة عن  الجامعات الأجنبية ذات المكانة والسمعة الأكاديمية المرموقة بإعلانها عن برامجها الأكاديمية عبر وسائل التواصل الإجتماعي لإستقطاب طلبة جدد من كافة أنحاء العالم بإعتمادها منظومة التعليم عن بُعد كخيار للتعليم الجامعي لديها، وعلى ما أعتقد بإن هذه الإعلانات لم تأتي من فراغ وبدون أن يكون لها أساس أوغطاء تشريعي ناظم لهذه العملية والتي سارعت بإعدادها للتعامل مع هذه المنظومة ليس فقط لظروف عابرة كما يعتقد البعض وإنما هي خيار إستراتيجي لتوجهات مستقبلية في التعليم الجامعي.

وكما يعلم الجميع بإننا كنا نأمل ونتمنى بإن هذه الجائحة ستكون عابرة ويعود الطلبة إلى مقاعد الدراسة لممارسة التعليم الوجاهي الذي يحكمه تشريعات ناظمة معمول بها رسمياً بالجامعات، ولكن ما نشهده مع إطالة مدة الجائحة إذ أصبح الأمر ملزماً الإسراع بإعداد هذه التشريعات لتنظيم عمل منظومة التعليم عن بُعد لأعتمادها كمرجعية قانونية لعمل الجامعات وفسح المجال لحاكمية الجامعات في إدارة شؤونها من حيث تطوير خططها وبرامجها الأكاديمية بما يتفق مع فلسفة ومتطلبات التعليم عن بُعد وحسب الأصول وبكفاءة عالية.

ويعتقد الكثير من المراقبين والمهتمين بالشأن الأكاديمي الجامعي بإن التعليم عن بُعد هو أحد الخيارات المتوقع العمل بها مستقبلاً الى جانب التعليم الوجاهي ولغايات كثيرة منها مواكبة التطور التكنولوجي في التعليم الجامعي، بالإضافة الى توسيع مساحة الإستقطاب للطلبة الجدد من مختلف أنحاء العالم وبسهولة، ناهيك عن الوفورات االمادية من حيث حجم الإنفاق الذي سيعود على الدولة والجامعات.وبالتاكيد سيتم الإستفادة من هذه الوفورات المادية إلى تحسين البنية التحتية للجامعات وتطلعاتها التقنية والتعليمية ، وبنفس الوقت أن لا ننتظر طويلاً خشية من سباق الزمن والذي نعتبره معياراً من معايير قياس الأداء والإنجاز.

نتطلع دائماً بإن تكون جامعاتنا في مقدمة الجامعات أقليمياً وعالمياً وكما عهدناها، وهذا الأمر يتطلب المزيد من تظافر الجهود لتحقيق رؤية ورسالة الجامعات وأهدافها وتنفيذ خططها الإستراتيجية بفاعلية لترجمة رؤاها لتكون واقعاً في ظل التنافسية الأقليمية والعالمية مع تحقيق أعلى مستويات الجودة الأكاديمية والتصنيف الأكاديمي المحلي والعالمي والذي أصبح أيضاً مطلباً رئيسياً للمحافظة على مكانتها وسمعتها الأكاديمية.