إرهاب وكراهية برعاية “فيسبوك” / فهد الخيطان

نھا منصات التواصل الاجتماعي التي جعلت من قاتل إرھابي معجون بالكراھیة، بطلا في أعین الآلاف من الكارھین حول العالم. تماما مثلما صنعت من أمثالھ الدواعش والإرھابیین قوة جذابة تكفي لبناء كیان إرھابي یتمدد على أراضي دولتین.

مجرم كریھ وحاقد على كل ماھو غیر غربي ومسیحي، یوظف منصة ”فیسبوك“ لبث أحقاده ویلتقي مع أمثالھ في عدید الدول. یستدعي وقائع التاریخ القدیم من الحروب بین المسلمین والعرب من جھة والأمبراطوریات الغربیة، لیقیم حجة القتل والإرھاب، بوصفھ عملا مجیدا ومقدسا.

لم تكثرت منصات التواصل العالمیة بعشرات بل مئات من منشورات الكراھیة التي كان یبثھا ویتفاعل معھا الآلاف، فمنحتھ مساحة أكبر لینقل وعلى الھواء مباشرة جریمتھ النكراء لملایین البشر.

“فیسبوك“ التي یراقب المئات من الموظفین ما ینشر علیھا لحظة بلحظة، تركت الإرھابي الاسترالي لفترة طویلة وھو یصور بشاعاتھ متنقلا بین مسجدین.وسمحت بعد ذلك لمریدیھ في كل مكان بالتعبیر عن تأییدھم ومباركتھم لأفعالھ الإرھابیة الخسیسة.

لم تحظ ثقافة الكراھیة والعنصریة بھذا القدر من الحضور والانتشار إلا في زمن ”السوشل میدیا“، فقد تحولت لحواضن لأكثر الجماعات انعزالیة ویمینیة وتطرفا وشذوذا. وبواسطة تلك الحواضن أصبح أكثر وجوه الیمین المتطرف في الغرب قادة وزعماء، فأحیت في نفوس عامة الناس أكثر الأفكار بدائیة وتخلفا، وحطمت القیم الإنسانیة التي كافحت البشریة لاستعادتھا بعد الحرب العالمیة الثانیة وھزیمة النازیة.

موجة الشعبویة الجدیدة التي تجتاح العالم حالیا، ھي من نتاج ثقافة ”التواصل الاجتماعي“ الردیئة. والفوضى التي تضرب دولا ومجتمعات تعتاش على منصات التواصل. ثقافة العنف والقتل تتمدد وتنتشر بفضل تلك الوسائط، ومعھا تجارة المخدرات والسلاح.

كان ھم الإرھابي الاسترالي وھو یمارس ھوایتھ بالقتل، تصویرھا، وربما یكون ذلك واحدا من أھم الحوافز لارتكاب جریمتھ، فقد كان على یقین بأن ھناك منصة جاھزة لتنقل للعالم بأسره جنونھ وإرھابھ، لیجد من یمجده ویعاملھ معاملة الأبطال. بمعنى آخر لو لم تتوفر وسیلة الانتشار لشخص مریض بالكراھیة مثلھ، فلربما اكتفى بالانتحار.

وبدعم كبیر من منصات التواصل الاجتماعي التي تتولى إدارة التفاعل العالمي لثقافة الكراھیة، لن یقف العالم عند حدود جریمة المسجدین، فالتفاعل بشأنھا سیجلب موجات من الكراھیة على الجانبین، حاملة معھا ردودا رھیبة من القتل والانتقام، فما أقدم علیھ الاسترالي المسكون بالكراھیة والإرھاب یعد أفضل مساعدة لإرھابیي ”داعش“ في لحظة یشارف فیھا تنظیمھم على الموت والفناء. ھي أیام أو أسابیع فقط حتى یخرج ”جنود الخلافة“ إلى شوارع المدن الغربیة من جدید للانتقام باسم ضحایا مذبحة نیوزلندا، وسیحظون بدعم غیر قلیل من قلوب یملأھا الحزن والغضب مما جرى. فوقع الجریمة في العالم الإسلامي لن یقل عن تأثیر ھجمات ”11 سبتمبر“ وتفجیرات العواصم الأوروبیة في السنوات الأخیرة. تداعیاتھا خطیرة على الوعي العام العربي والإسلامي، ونتائجھا تكرس المزید من الانقسام والصراع بین الھویات الدینیة والقومیة، والفضل كلھ لوسائط التواصل الاجتماعي، التي لم تردعھا عشرات الجرائم المرتكبة، ولا حملات الكراھیة التي غمرت قلوب البشر.

الغد