بقلم: أ.د.يونس مقدادي – جامعة عمان العربية

 

لقد لاحظنا في السنوات الأخيرة الأعداد الكبيرة من خريجي الثانوية العامة وهم في الغالب يتوجهون إلى الجامعات لإستكمال دراستهم الجامعية بعد الإيفاء بشرط القبول والذي يعتمد بالدرجة الأولى على معدل الثانوية العامة بمختلف فروعها بإعتباره هو الشرط الوحيد للقبول في مختلف التخصصات في الجامعات، وهذا الشرط ما زال سارياً ومنذ عقود مضت، وبناءاً عليه يتقدم الطلبة بطلبات الالتحاق بالبرامج الأكاديمية المتاحة بالجامعات، وبالتالي تخضع جميع إختيارات الطلبة من التخصصات المرغوب بها والواردة  بطلبات الالتحاق على شرط القبول والوحيد والمتمثل بالمعدل الذي حصل عليه الطالب في الثانوية العامة.

 

أن موضوع إمتحان القدرات للطلبة الجدد في الجامعات من المواضيع التي ما زالت تلقى إهتمام العديد من المتابعين بشؤون التعليم الجامعي والذين أجمعو بإن هذا الموضوع يحتاج إلى إهتمام أكبر وبشكلٍ أكثر موضوعية في ضوء الأقبال الهائل على التعليم ومن مختلف الدرجات العلمية، على الرغم من أن التعليم حق مكتسب للجميع، بهدف إضافة شروطاً أخرى ما بعد قبول الطلبة في الجامعات ومنها إمتحانات القدرات والتي أصبحت ضرورية لعقدها ما بعد قبول الطلبة مباشرة لتكون أكثر تناغماً مع تحديات التعليم وخاصة في ظل التوجه نحو تدويل التعليم،والتعليم التقني، والتعليم الالكتروني  والذي أصبحت تفرض نفسها على الجامعات وتوجهاتها المستقبلية.

 

لقد لاحظنا في السنوات الأخيرة بإن هناك تزايد ملحوط في أعداد الناجحين في الثانوية العامة ، والطلب الكبير على التعليم الجامعي محلياً ودولياً الأقبال الكبير ولإسباب مختلفة وأبرزها هو أن التعليم أصبح مطلباً إجتماعي وإقتصادي.إن هذا الإقبال الكبير على التعليم الجامعي قد أستوقف العديد من أصحاب الإختصاص والرأي فيما يتعلق بإضافة شرطاً أخرى ينفذ ما بعد قبول الطلبة الا وهو إخضاع الطلبة الجدد لإمتحان قدرات ومهارات، بحيث تقوم الجامعات على تصميمه وتنفيذه قبل بدء الطلبة دوامهم للفصل الدراسي الأول.

 

أن مقترح إمتحان القدرات والمهارات لطلبة الجامعات الجدد فهو معمول به في كثير من دول العالم، وقد يأخذ هذا الأمتحان صفة الشرط للدخول في الجامعات كشرط ثاني بالإضافة إلى معدل الطالب بالثانوية العامة. ويعلن عنه بعد إعلان قوائم القبول في الجامعات مباشرة مقابل مبلغ رمزي ،ويعقد ليوم واحد ولمرتين بالسنة، ويكون على جلستين منها جلسة للراغبين بالتخصصات العلمية وأخرى للتخصصات الأنسانية والأدبية والإجتماعية، وسيكون هدف هذا الإمتحان هو معرفة وفرز قدرات ومواهب ومهارات وإهتمامات وتوجهات الطلبة المقبولين من خلال عدة مجالات وحقول معرفية  نحو تخصصات معينة ، بحيث يحصل الطالب على نتيجة الإمتحان وبشكلٍ فوري (الإلكترونياً) وإجتياز الطالب لهذا الإمتحان يُعد إحدى شروط الالتحاق بالجامعات وفقاً لسلم علامات معين تكون موزعة على حقول التخصصات المختلفة في الجامعات.

 

أن أهمية هذا المقترح ليس الهدف منه التعقيد في عملية الالتحاق بالجامعات وزيادة الأعباء، ولكنه يعطي مدلولاً عن قدرات ومهارات وإهتمامات الطلبة، وفرز الأفضل من الطلبة ضمن معايير نوعية، وهذه المدلولات تُعد بالغة الأهمية في المنظور الأكاديمي الجامعي، لأن الجامعات بالفعل هي بحاجة إلى طلبة قادرة على الإبداع والتفوق في إختصصاتها ، وبنفس الوقت ستصبح الجامعات طرفاً في عملية أختيار الطلبة وبالذات الطلبة ذوي القدرات العالية للإلحاقهم بالبرامج الأكاديمية المتاحة، وهذا بالتالي سيرفع من نوعية المخرجات التعليمية، ورفد سوق العمل بخريجين يتمتعون بقدرات فائقة في المعرفة والتطبيق القائم على أساس القدرات والجدارات والمهارات الفردية.

 

أن مقترح عقد أمتحان قدرات ومهارات للطبة المقبولين الجدد في الجامعات قد يشكل قيمة نوعية ويكون كأحد شروط الالتحاق بالجامعات، فبإعتقادي أن هذا الموضوع قد يستحق الدراسة والإهتمام كمقترح والبحث في أبعاده وغاياته من قبل الجهات المختصة لما فيه العديد من المنافع النوعية لصالح الجامعات والطلبة، وبنفس الوقت ستسهم هذه الإمتحانات في دفع الجامعات بالحاق بمثيلاتها من الجامعات العالمية وبشكلٍ خاص فيما يتعلق بشروط القبول والتي تحرص على أختيار نوعية الطلبة وقدراتهم، وبالتالي سنجد له إنعكاسات إيجابية على جودة التعليم الجامعي ومخرجاته التعليمية نحو مستقبلٍ أفضل.

إمتحان قدرات للطلبة الجدد ما بعد القبول في الجامعات

إمتحان قدرات للطلبة الجدد ما بعد القبول في الجامعات

بقلم: أ.د.يونس مقدادي – جامعة عمان العربية   لقد لاحظنا في السنوات الأخيرة الأعداد الكبيرة من خريجي الثانوية العامة وهم في الغالب يتوجهون إلى الجامعات لإستكمال دراستهم الجامعية بعد الإيفاء بشرط القبول والذي يعتمد بالدرجة الأولى على معدل الثانوية العامة بمختلف فروعها بإعتباره هو الشرط الوحيد للقبول في مختلف التخصصات في الجامعات، وهذا الشرط ما زال سارياً ومنذ عقود مضت، وبناءاً عليه يتقدم الطلبة بطلبات الالتحاق بالبرامج الأكاديمية المتاحة بالجامعات، وبالتالي تخضع جميع إختيارات الطلبة…

اقرأ المزيد

 أ.د.يونس مقدادي

جامعة عمان العربية

نعلم جميعاً بإن تنوع مسؤوليات الجامعات في الأونة الأخيرة كانت إستجابة إلى العديد من المستجدات والتي فرضت نفسها على قرارات إدارة الجامعات، مما شكل ذلك تحولاً بآليات وإجراءات التعامل مع العديد من الملفات ومن أبرزها ملف الطلبة الخريجين وبشكلٍ خاص بكيفية تهيئة هؤلاء الطلبة الخريجين وفقاً لمواصفات الجودة في التوظيف. ولقد لاحظنا بإن الجامعات قد أدركت أهمية ملف الخريجين والذي يُعد من الملفات بالغة الأهمية وبشكلٍ خاص فيما يتعلق بمدى قدرة الخريج على تسويق نفسه ومؤهلاته وقدراته وبثقة عالية أمام أصحاب العمل للتأثير عليهم لغايات التوظيف. وقد إنبثق هذا الإدراك والإهتمام من الحقيقية المعروفة للجميع بإن الخريجين هم السفراء الحقيقين للجامعات والذين بدورهم يقومون على ترجمة رؤية ورسالة الجامعات التي تخرجوا منها وسمعتها الأكاديمية والتي يحرص عليها الجميع في بناءها ورسمها بصورها الإيجابية في ذهن أصحاب العمل محلياً ودولياً.

لكننا نسمع بالمقابل بإن كثير من الخريجين لم يحالفهم الحظ بالتوظيف، ومن أبرز الأسباب كانت  تعزى لغياب المهارات التسويقية لتسويق أنفسهم وصعوبة إبراز مؤهلاتهم وقدراتهم  خلال مقابلات التوظيف والتي يجريها أصحاب العمل،مما يؤكد ذلك بإن هؤلاء الخريجين لديهم ضعف في المهارات التسويقية الشخصية مما نجدهم فعيلاً أمام تحدي كبير وحيرة من أمرهم. لذا فإننا نعتقد بإنه من الضرورة بمكان بإن تقوم الجامعات على تزويد الطلبة بهذه المهارات خلال فترة دراستهم لمساعدتهم في كيفية تسويق أنفسهم والتنافس وبكل ثقة على فرص العمل المتاحة ، وتقديم عرض رفيع المستوى لمؤهلاتهم وقدراتهم خلال مقابلات التوظيف معتمدين على تلك المهارات بإعتبارها الخطوة الأساس والمهمة في لقاءاتهم مع أصحاب العمل، ناهيك عن المردود المعنوي والتسويقي الكبير لصالح الخريجين وجامعاتهم.

أن أهمية هذا الموضوع البسيط بمضمونه والكبير في أبعاده وغاياته قد لا يكون من الأهمية بمكان من وجهة نظر البعض، ولكن نقول بإن تزويد الطالب الجامعي بمهارات تسويقية لتسويق أنفسهم ومؤهلاتهم وتعزيز ثقتهم بإنفسهم ما بعد التخرج في التعامل مع فرص العمل المتاحة في سوق العمل، مما تستدعي الحاجة والضرورة إلى أن تكون هذه المهارات من سلم أولويات الجامعات حرصاً منها بإعتبارها مؤسسات تعليمية عليا تخرج الكفاءات والكوادر المؤهلة لا بل وتأهيليهم للأستفادة من تلك المهارات التسويقية ما بعد التخرج والتي ستجد لها مساحة كبيرة في شخصية ونفسية الخريجين نحو مستقبلهم الوظيفي من ناحية، وعلى مكانة الجامعات وسمعتها الأكاديمية والتي تسعى بالتعبير عنها وبمسميات مختلفة من ناحية أخرى.

ولترجمة أهمية هذا الموضوع إذ يتطلب من الجامعات التعامل مع أبعاده وغاياته وضع إستراتيجية شامله للعناية بالطلبة وبالذات الطلبة الخريجين وما يحتاجونه من مهارات للعمل على تزويدهم بها قبل التخرج لتذليل معظم العقبات والتحديات التي تواجههم في بحثهم عن فرص العمل، البدء بتزويد الطلبة بالمهارات التسويقية لرفع مستوى تلك المهارات لديهم بالتزامن مع المهارات المعرفية والتحليلية الأخرى من بداية الالتحاقهم ببرامجهم الأكاديمية ، وتفعيل دور أعضاء هيئة التدريس الذين بإعتقادي لهم الدور الأكبر بالتركيز على المهارات التسويقية للطلبة ،وكذلك عقد الندوات والمحاضرات وورش العمل المتخصصة فصيلاً ويعلن عنها للطلبة تتعلق بمهارات التسويق الشخصي والمتمثلة بمهارات التواصل والإتصال، ومهارات الحوار، ومهارات بناء الشخصية أو الذات، والمهارات القيادية، ومهارات الإقناع وغيرها والتي تُمكن الطالب الخريج من إقناع أصحاب العمل بدءٍ بشخصيته ومؤهلاته وقدراته، وسهولة الاستحواذ على فرص العمل لما يتمتع به الخريج من قوة في الشخصية والثقة بالنفس في ضوء ما تم إكتسابه من مهارات تسويقية يتم توظيفها في تسويق نفسه ،ناهيك عن إزالة بعض القناعات السلبية لدى أصحاب العمل والمتعلقة بمواصفات الخريجين وإمكانياتهم وقدراتهم الشخصية والمعرفية.

المهارات التسويقية للخريجين ودور الجامعات

المهارات التسويقية للخريجين ودور الجامعات

 أ.د.يونس مقدادي جامعة عمان العربية نعلم جميعاً بإن تنوع مسؤوليات الجامعات في الأونة الأخيرة كانت إستجابة إلى العديد من المستجدات والتي فرضت نفسها على قرارات إدارة الجامعات، مما شكل ذلك تحولاً بآليات وإجراءات التعامل مع العديد من الملفات ومن أبرزها ملف الطلبة الخريجين وبشكلٍ خاص بكيفية تهيئة هؤلاء الطلبة الخريجين وفقاً لمواصفات الجودة في التوظيف. ولقد لاحظنا بإن الجامعات قد أدركت أهمية ملف الخريجين والذي يُعد من الملفات بالغة الأهمية وبشكلٍ خاص فيما يتعلق بمدى…

اقرأ المزيد

الأستاذ الدكتور عدنان الجادري

جامعة عمان العربية

يرتبط أداء الفرد على الصعيد الأنساني بمدى ما يحمله من خلق حسن يزاوج أفعاله من صدق ونكران ذات وأمانة وإخلاص في العمل وغيرها من الأفعال السامية. وأن الأخلاق هي انعكاس لطبع الأنسان     ولها دور مهم في صدور الأفعال والسلوكيات بعيداً عن التدقيق والتمحيص والتفكير، وتعد بمثابة مجموعة من المعاني والصفات المستقرة في النفس وفي ضوئها يحسن الفعل من نظرة الإنسان أو يقبح. ولهذا كان النهج الناجح في إصلاح الناس وتقويم سلوكياتهم هو أن يبدأ المصلحون بإصلاح أنفسهم وتزكيتها وغرس معاني الأخلاق الجيدة في الاخرين .             

   وهذا ما أدلت به الرسالات والشرائع السماوية لا سيما الدين الإسلامي الحنيف في التأكيد على الأخلاق باعتبارها قيمة اجتماعية وركيزة أساسية لبناء المجتمع الإنساني، ويتجلى ذلك بوضوح بالنصوص التي وردت في القرآن الكريم، إذ يناشد الله – سبحانه وتعالى- رسوله الكريم محمد (ص) بقوله ” وإنك لعلى خلق عظيم “، وكذلك ” لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة “.  وباتت الأخلاق تشكل معياراً رئيساً للحكم  على تقدم الأمم وتطورها وكما قال المرحوم احمد شوقي  :

وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت       فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا

        وليس من شك أن الأخلاق ترقى بالعلم والعلم يسمو بها، وأن الخلق والعلم صنوان لا يمكن الفصل بينهما، ويكمل كل منهما الآخر للتعبير عن الشخصية الأنسانية الحقيقية والمثالية في عصرنا الحاضر. وأنهما يشكلان ركيزتان اساسيتان لبناء وتقدم المجتمعات الأنسانية , إذ لا يمكن للمجتمعات المعاصرة من ارساء قواعد نهضتها الأقتصادية والتنموية والحضارية بعيداً عنهما.

    ولهذا أصبحت هناك ضرورة لإيلاء اهتمام كبير للقيادات التربويَّة ومربيَّة الأجيال  لأن تلعب دوراً حاسماَ في بناء شخصية المتعلمين أخلاقياً وعلمياً لمواجهة التحديات وصياغة المستقبل للشعوب، لأن المستقبل بكل أبعاده وتحدياته يعتمد على بناء المواطن الصالح .وهنا لا بد من التركيز على شريحة الأساتذة الجامعيين الذين يعملون في قمة الهرم التعليمي في مجتمعاتنا باعتبارها رائدة الفكر بأبعادها العلمية والأخلاقية وتمثل عقل المجتمع وضميره الأنساني في مواجهة التحديات والتغيرات على الصعيد الحضاري والفكري وعين المجتمع في رؤيته وتطلعاته نحو المستقبل استلهاماً من تراثه وشخصيته الحضارية .           

  وبناءً على ذلك فإن موضوع الاهتمام بالأستاذ الجامعي في وقتنا الراهن لأداء دوره الطليعي في المجتمع قضية يقينية لا تقبل الشك؛ لأنه يعد عنواناً وأنموذجاً للتصدي ومواجهة التحديات العلمية والتكنولوجية والحضارية وأداة لإحداث التغيير الاقتصادي والاجتماعي والثقافي …. وأنه الأداة المحركة لإحداث التغيير الذي ينشده المجتمع؛ وذلك في ضوء ما يقدمه من أفكار وآراء ونظريات ونماذج من الابتكارات والاكتشافات في شتى ميادين العلم والمعرفة.  ويجدر بالجامعة كمؤسسة تعليمية وبحثية أن تهدف إلى إرساء القيم الأخلاقية البناءة والمستمدة من القيم السماويَّة ومساراتها الوضعية لهذه الفئة الاجتماعية، وذلك بتشريع مواثيق أخلاقية وقيمية لضبط السلوكيات المهنية لأعضاء هيئة التدريس في أركانها الثلاثة التدريس والبحث العلمي والخدمة المجتمعية.

    والبحث العلمي كأحد الأركان الأساسيَّة لمهنة الأستاذ الجامعي اقترن مفهومه بالتفكير العلمي الذي يمثل أعلى مستويات النشاط العقلي وأعقد أشكال السلوك الإنساني، وينال موضوعه اهتمام المختصين في العلوم الاجتماعية والطبيعية كافة. وبالرغم من التعددية والتنوع في مفهومه إلا أنَّ معظم الآراء تعبر عن مضمونه بأنه نشاط ذهني يتضمن مجموعة من العمليات العقلية تتناول أحداثاً تختلف في مستويات تعقيدها بين البساطة والصعوبة لغرض تفسيرها ومعالجتها ويساعدعلى إكساب الفرد خبرات ومعارف لتوظيفها بشكل مستمر في معالجة مشكلات حياتيه مماثلة. وأنه يمثل جهداً علمياً منظماً يستخدم فيه المختص أو الباحث  قدراته العقلية بشكل منهجي ومنظم وفق خطوات ومراحل متسلسلة ومترابطة تبدأ بالإحساس بموقف غامض أو مشكلة وتحديدها بدقة ووضع الحلول الأوليه المفسره لها وجمع البيانات والحقائق عنها وتحليلها بهدف الوصول إلى التفسير لمعالجتها.

    ومن هنا يجدر الإشارة إلى أنَّ العمل البحثي أمانة تطوق عنق الباحث العلمي وبشكل خاص الأستاذ الجامعي في كافة التخصصات العلمية والاجتماعية والإنسانية. لذا من الضروري أن يتحلى بالنزاهة والمصداقية والأمانة العلمية والموضوعية في كافة إجراءاته البحثية لغرض تحقيق نتائج موثوقة ذات أهمية علميَّة ومجتمعية. إنَّ الأمانة العلمية والنزاهة تعد سلوكاً وليس مبدئاً أخلاقياً يراد انتهاجه وعندما تنتهك تغدو وجهاً من أوجه الفساد العلمي والأكاديمي الذي لا يختلف كثيراً عن أوجه الفساد الأخرى كالفساد المالي والأداري والأقتصادي والسياسي وغيرها من السلوكيات الخاطئة. وعندما نتناول تاريخ البشرية في حقباته المنصرمة نجد أن الفساد كمصطلح ومفهوم موجود قدم الإنسان على هذه الخليقة , وإن ما يدعم ذلك ما ورد في الآية الكريمة من سورة البقرة , عندما أراد الله – سبحانه وتعالى- أن يجعل خليفته في الأرض بقوله: ” إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل من يفسد فيها ويسفك الدماء ” لهذا فإنَّ السلوك اللا أخلاقي موجود في النفس البشرية وفي طبيعة الإنسان ويعكس صورة سلبيية للقيم الإنسانية النبيلة التي تحكم تطور الأمم وبناء المجتمعات وفق أسس حضارية متقدمة .

    ويمثل الأستاذ الجامعي العنصر الأساسي والأخلاقي والأدبي في البحث العلمي، إذ إنَّ خطر ابتعاده عن النزاهة والأمانة في البحث العلمي يؤدي يالمجتمع إلى الضياع وانتهاج طريق التخلف، وذلك لأن التقدم العلمي في شتى مناحي الحياة يحتاج إلى قيم وأخلاقيات بما في ذلك البحث العلمي الذي له ضوابطه وأخلاقه المستمدة من أدبيات علم طرائق البحث العلمي ومبادئه، والتي يجدر التقيد بها، وأن ابتعاد  الباحث العلمي وعدم اكتراثه بأهميتها وضروراتها يضعف القيمة العلمية لأدائه البحثي وما يتوصل إليه من نتاجات علمية؛ لأنَّ النزاهة والأمانة العلمية في إطار المنظومة الأخلاقية  للعلم  والبحث العلمي تتطلب احترام  وتقدير الحقوق الفكرية والعلمية والأدبية لأهل العلم والباحثين الآخرين وعدم تحريف وتزييف آرائهم وانتهاك حقوقهم وكرامتهم .إذ إنَّ أساسيات النزاهة والأمانة العلمية  للعمل البحثي مكون أساسي لمهنة الأستاذ الجامعي تستند إلى دعامتين أساسيتين، هما :العمل المبدع والمنتج   وتجنب الأضرار بحقوق الآخرين . وأن من الأمور التي يجب أن يتحلى بها الأستاذ الجامعي لبلوغ النزاهة والأمانة العلمية تتمثل بالمصداقية في الأداء البحثي بإجراءاته كافة وعدم انتهاك حقوق الآخرين وضرورة مراعاة أفكارهم ومشاعرهم والالتزام باعلى درجات المسؤولية في إجراءات النقل والاقتباسات والاستلالات العلمية وبدقة عالية حتى لا يتعرض شخصياً للنقد والطعن في إنجازه البحثي.  إضافة إلى تجنب السرقة العلمية لجهود الآخرين التي تحدث عندما يقوم الباحث باقتباس أجزاء وفقرات أو استلال أفكار باحث أو كاتب آخر دون ذكره أو التعريف به في متن وقائمة مراجع البحث ويرجعها إلى نفسه. والسرقة العلمية بمعناها المبسط تعني استخدام غير معترف به لأعمال وأفكار باحثين آخرين بقصد أو من غير قصد وتنسيبها لنفسه. وليس هناك من شك  أن إشكالية السرقات العلمية والتحايلات لن تتوقف بل ستتفاقم أكثر وأكثر بالأخص في الأوساط الجامعية ما لم يُجر البحث عن الآليات والسبل التي من شأنها أن تحد من هذه الظاهرة بل تقضي عليها  وبالأخص ما يتعلق بتشريع الأنظمة والقوانين،  واتخاذ إجراءات صارمة لمواجهتها والبحث عن التقنيات التي تساعد في الكشف عنها وتعريض من يمارسها إلى أقسى العقوبات في إطار القوانين المشرعة لهذا الغرض .

    بناءً على ذلك فإن النزاهة والأمانة العلمية في أداء الأستاذ الجامعي في إجراءات البحث العلمي أخذا يشكلان دعامتين أساسيتين لإرساء قاعدة علمية حقيقية في اي بلد يهدف إلى التطور ويكون له شأن في السباق الحضاري العالمي. لذلك ووفقاً لاجتهادنا الشخصي فإن تعزيز هذين المفهومين فكراً وممارسة يتطلب عدداً من الإجراءات من قبل أصحاب القرار في أجهزة التعليم العالي والمؤسسات الجامعية، ومنها :

1 – استحداث مكتب للنزاهة والأمانة العلمية، يرتبط بالهيئة الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد على المستوى الوطني يختص بشؤون البحث العلمي والتأليف والنشر وصيانة حقوق الملكية الفكرية ويعمل في إطار ضوابط قانونية وتشريعات لأداء مهامه الوظيفية والمؤسسية.

2- إعداد ميثاق عمل وطني لصيانة وتعزيز النزاهة والأمانة العلمية وحماية حقوق الملكية الفكرية وإلزام المؤسسات العلمية والأكاديمية والبحثية والباحثين فيها للعمل بموجب الضوابط التي يتضمنها.

3- إلزام المؤسسات الأكاديمية والبحثية بتشكيل لجان متخصصة تتألف من أعضاء هية تدريس ذوي خبرات عالية كجهات رقابية لرصد مخالفات الأمانة العلمية والنزاهة لدى الباحثين. وتسن لهذه اللجان التعليمات الخاصة بآليات العمل في إطار الأهداف المحددة لها  والمهام والواجبات المناطة بها لتعزيز النزاهة والأمانة في إجراءات البحث العلمي وصيانة حقوق الملكية الفكرية .

4 –  توجيه أعضاء هيئة التدريس وبالأخص المشرفين على طلبة الماجستير والدكتوراه بضرورة متابعة الطلبة بشكل جدي ومسؤوول لاعمالهم البحثية للحد من أدوار مراكز الاستشارات والخدمات الطلابية في المساعدات التي تقدمها للطلبة الباحثين وما تسببه هذه من خلال في النزاهة اوالأمانة العلمية .

5 – أن تعمل الجامعات والمؤسسات البحثية على إعداد أدلة خاصة بأخلاقيات البحث العلمي وأن تستمد مضامينها من بنود ميثاق العمل الوطني لتعزيز النزاهة والأمانة العلمية وصيانة الملكية الفكرية. وأن تؤخذ الجهات المعنية في الجامعات مسؤولية التعريف بهذه الأدلة والتوعية بمضامينها للمعنيين من أعضاء هيئة التدريس والباحثين.

6 – أن تتبنى الجامعات والمؤسسات البحثية عقد  برامج  وورش تدريبية وندوات علمية متخصصة تهدف إلى توعية أعضاء هيئة التدريس والباحثين وطلبة الدراسات العليا بماهية  النزاهة والأمانة العلمية وما يترتب على انتهاكها من أضرار وتاثيرات سلبية عليهم وعلى سمعة الجامعات والمجتمع عموماً .

    هذا وخير الأعمال ما ينبت منها في الأرض

          والله من وراء القصد ,,,,,

البعد الأخلاقي في أداء البحث العلمي الركيزة الأساس لمهنة الأستاذ الجامعي

البعد الأخلاقي في أداء البحث العلمي الركيزة الأساس لمهنة الأستاذ الجامعي

الأستاذ الدكتور عدنان الجادري جامعة عمان العربية يرتبط أداء الفرد على الصعيد الأنساني بمدى ما يحمله من خلق حسن يزاوج أفعاله من صدق ونكران ذات وأمانة وإخلاص في العمل وغيرها من الأفعال السامية. وأن الأخلاق هي انعكاس لطبع الأنسان     ولها دور مهم في صدور الأفعال والسلوكيات بعيداً عن التدقيق والتمحيص والتفكير، وتعد بمثابة مجموعة من المعاني والصفات المستقرة في النفس وفي ضوئها يحسن الفعل من نظرة الإنسان أو يقبح. ولهذا كان النهج الناجح في إصلاح…

اقرأ المزيد

حمانا الكبير لم يعد بحجم بعض الــورد ، وقوافلــه زَفّت الـــورود والخمائل لكل الضِـيـَع والأصقاع ، وما زال صِبا الشـرق يغني لصلابة شوكته.

أردننا باق فينا بنصع بياض النجمة في قلب العَلَم . تنسكـب من عذب أعاليه مناهل العطاء ، ترتوي من زلاله أرواح ونفـوس المخلصين لقائدهم وأردنهم ، فتتشكل في خـَلد نسائه ورجاله جنوده ومجنداته ، ملاءة الإرادة ، جمالية التحدي، نشوة التضحية. رداء يدفئنا لا ردة عنه ولا انكفاء ، نبـذر حبات قلوبنا في سويداء ترابه حتى نهايات الدم ، فتـُسقى بإرادة شعـب مُتترِس بالصبر، متدرع بالثقة ، ليبقوا في عيون قائدهم بسمق جبال رَم ورسوخ قلاع الكرك وعجلون وحنو سنابل حوران ونقاء غدران الطفيلة ودفء حقول الموز وعذوبة قصيدة البادية ندية المطلـع عذبة المسمع ، نورث لآلئ صنائعـه لمن بعدنا بحلة أزهى وأبهى مما ورثناه ، ليبقى خط مسيرهم مسطور بأكرم من الدر في دفتر الوطن ومفكرة الإنسانية .

هبّ كريح مرسلة عطاء الملك المعزز، وانتصبت قامات التعب كتيجان أعمدة جرش سطورا بيضاء في سِفر العيش الكريم للأردنيين ، شاهـدة على تاريخ انبجست خطوطه وفقراته من رحم عطاء القادة الأوائل، وحاضر أسس بنيانه ورُفعت قواعده على إبداع نوعي وإنجاز تراكمي لسنوات خلت مثلت رئة التفاؤل ، لتنبئ بمستقبل أرغـد تتفيأ ظلاله أجيال عانقت العرش الهاشمي بالوفاء . سيرة عطـّرت روح المكان ومسيرة جسدت قدرات الإنسان وخَطّت في ذاكرة الوطن والإنسان سيقا أبلغ أثرا ونقاء مما نقشه الأردنيون الأنباط في أعجوبة الدنيا السبع ، وخفق في المعالي الإبداع الهاشمي متخطيا جدار الصمت ومسافات السكون، فارتوى الإنسان الأردني عزما وإصرارا مضاء وابتكارا من عـذب ينابيع أبي الحسين، القوي بإيمان سافر وحلق بالوطن وساكنيه على أجنحة التفاؤل إلى مصاف خلود وانسياب النهر الهاشمي المصانة ينابيعه وأكتافه ومصبه بسيوف فرسان بني هاشم.. والنهر باق يفيض صفاؤه فينا انتماء لأردننا، يُغرق عذبه خوابينا وفاء لمليكنا المفدى، تُزنّر روافده خصر الوطن بالأماني، يعـزز أواصر نسيجه الوطني بثوابت الهوية الأردنية. نهرٌ يسكـُب في أرواحنا العذب الفرات من ألوان الفداء لعبدالله الثاني .

تقيـم ليلك توزع نوم جفونك علينا ، تقرأ في محيـط أعيننا، تتلمس في تقاسيم وجوهنا ، تستشعر في ثنايا أعماقنا ، جموح رغائبنا لامتلاك التفوق . نرقب حضورك في عيوننا من شرفات الشُغـُف، ومدى وجودك يتسع في أعماقنا وأنت تولّي قلبك نحونا. تضيء قناديل مسيرتنا بالشمعة الملكية في مئوية الدولة وهي تقيم قِرانها مع احد عشر ربيعا على امتداد الوطن المبارك ، وضوء العطاء الملكي يتدفق في شِعب الوطن وشرايين شَعب لن يتخلى عنك.. تالله.. ولا عن جميل تعبك المرصوف في دواخلنا ومداخلنا كزينـة السماء بالكواكب. لن نهـرق كريات التعب الحمراء والبيضاء، ولن ننقض غزل الوطن من بعد قوة أسكنتها في رحاب النفوس ومرايا الروح .

إنجازات تتقاطر إلينا طائعة ببركة يديك ، نسائم ملكية ومآثر شُم ، تؤتي أُكـُلها في دروبنا ، على أبواب بيوتنا تقرع أجراس مدارسنا ، تعلي أقواس جامعاتنا ، يصافح شذاها دواويـن مجالسنا ، الحريـة العدل المساواة ، متكأ قاموسك ورحى ناموسك . مشهد اهتماماتك وهمك يتجلى بانحيازك للفقراء . سعي مشكور مأجور ان شاء الله ، تلغي مفردات السغب والعوز من قاموس وجودهم ، تنأى بهم عن قارعة الفاقة . مكرمات ملكية شاهدة كقرص الشمس ينبعث ضؤها على مناكب المدن والقرى والمخيمات ، بيوت تظللهم مُسـورة بدفء العطاء الملكي ، نأياً بساكنيها عن فوضى الأيام وبعثرة الليالي ، لتنعطف بهم عن زمهرير كانون وسياط الهجير وجمرات المشوار. رؤى ورؤية هاشمية تؤصل في مشوارهم كريم الحياة وقيمة الوجود بمسحة التحدي فتباهوا تحت سقف الوطن أنهم الأقرب إلى وجدان الأب القائد .

نؤكد لكبير الأسرة والعشيرة، أنسأ الله في عمره وأعز ملكه، تمسكنا بجذور وفروع وثمار المضاء الملكي وترسخه قناعات نحقبها في الوجدان ونرزمها في الضمير لتستمر عنيدة على المحو من ذاكرة الوطن وإنسانـه ونقسم بين يديك قسم الشرفاء ، ووفاء لكل شيبة طاهـرة اشتعلت وتوسدت مفرقيك ، ولكل مسحة تعب وضأت مرفقيك ، ولكل زهرة عَـرق تفتحت وأضاء عطرها فجر جبينك، أن نبقى على عهدك بنا. وعهدنا لجلالتكم أن تبقى فينا حادينا وغرة مسيرتنا ومليكنا على عرش مفتـدى بنواصي الصدور وعنوان نظمنا لقريض عشق الوطن. نمخر معك وبك عـُباب المعترك في أعالي الدنيا. ونملأ الآفاق عزفا على أوتار الروح “سر بنا للفخار والعلا “. ونردد بلا خوف أو وجل، لن نفرط بكنزنا، لن نفرط بشلال التعب وقطرات العرق ، وشكرا يا جلالة الملك .

المهندس خلدون عتمة

مئوية الدولة في عهد الملك المعزز

مئوية الدولة في عهد الملك المعزز

حمانا الكبير لم يعد بحجم بعض الــورد ، وقوافلــه زَفّت الـــورود والخمائل لكل الضِـيـَع والأصقاع ، وما زال صِبا الشـرق يغني لصلابة شوكته. أردننا باق فينا بنصع بياض النجمة في قلب العَلَم . تنسكـب من عذب أعاليه مناهل العطاء ، ترتوي من زلاله أرواح ونفـوس المخلصين لقائدهم وأردنهم ، فتتشكل في خـَلد نسائه ورجاله جنوده ومجنداته ، ملاءة الإرادة ، جمالية التحدي، نشوة التضحية. رداء يدفئنا لا ردة عنه ولا انكفاء ، نبـذر حبات قلوبنا…

اقرأ المزيد

الحديث لن يكون مجدياً في هذه المرحلة عن طبيعة العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب؛ لأن الأخير قد شرع للتو في مغادرة المسار الإنتخابي بعد ولادة قاسية ومتعبة ولكنها كانت ضرورية في ظل ظروف وبائية مرعبة وجائحة مزعجة أطبقت على الزَّرع والضَّرع ورافقها إصرار وطني كبير، وحرص ملكي أكبر في إنفاذ الدستور واحترام المواقيت الدستورية، وعندما يتعلق الأمر بحماية الدستور، نجد أن حامي الدستور جلالة الملك – حفظه الله – ينهض دوماً بإعلاء شأنه وإنفاذ أحكامه والانتصار لتطبيقه مهما كانت الظروف والتحديات.

في مجلس الأعيان يختلف الأمر بعد انقضاء أشهر ثلاثة على تشكيله وقد تبدت ملامح رؤاه الوطنية ومنطلقاته البرامجية التي تمزج بين رقة النصيحة الوطنية وصلابة الرقابة البرلمانية وجودة التشريع؛ لتصب بمجملها في خانة المصلحة الوطنية العليا وإنجاح مهمة الحكومة بالنصيحة الراشدة، بما يمكنها من أداء واجبها الدستوري طبقاً للمعايير الوطنية التي تتطابق فيها رؤى جلالة الملك والمطالب الشعبية على حدٍ سواء.

إن احترام قواعد الممارسات الدستورية والأطر الإصلاحية الواردة في خطبة العرش، وثوابت العمل الوطني التي تضمنتها الأوراق الملكية النِّقاشية هي مهمة جليلة وواعية يضطلع فيها مجلس الأعيان بإصرار وحكمة ليس على قاعدة “أنصر أخاك ظالماً”، وإنّما على مسار “صديقك من صَدقك لا من صدَّقك ” من أجل الانتصار لأحكام الدستور والثقة الملكية الغالية.

لا يضير الحكومة -بالطبع- أن تستمع بإمعان لنصائح السادة الأعيان ولا يرهقها أن تضيف إلى حرصها خبرتهم الناجزة في كل شأن؛ بل أنها تدرك أن تجويد التشريعات وثبات سريانها يعتمد إلى حدٍ كبير على إفساح المجال لمجلس الأعيان لتجويد التشريعات وأخذ الوقت الكافي لذلك، سيّما وأن الحكومة تدرك أن اضطلاع المجلس بدوره الكامل يؤدي إلى تعزيز العمل البرلماني وترسيخ مضامين استقلال السلطات من الناحية السياسية، واكتمال دوره الدستوري الموازي لمجلس النواب.

في ظني أن حكومة الخصاونة التي دشنت عهدها بأمثلة رائعة للنقد الذاتي، واحترام قواعد المسؤولية السياسية ستسجل سياقاً فريداً في مغادرة مساحات الضجر من استخدام مجلس الأعيان لأدواته الرقابية وأساليبه التشريعية؛ لأنها تدرك أن حدود الاجتهاد لديه لا تتعدى دائرة الحرص الوطني، وإنجاح عمل الحكومة وفقاً لمعايير وطنية خالصة، وأساليب ديمقراطية راقية.

ولذلك فإن الواقعية السياسية التي تتسم بها الحكومة لغاية الآن تؤشر على مضامين العلاقة الإيجابية مع مجلس الأمة في قادم الأيام ، وأنها تدرك أن مجلس الأعيان سيمارس دوره الدستوري في أرقى مظاهر السلوك الوطني القويم الذي يرتقي لمستوى الأمل ويضيف فهماً مصوناً من تداعيات العبث وضغوط المطالب التي لا تنتهي عند حد.

ليس في وسع أحد أن ينكر على الحكومة ومجلس الأمة ابتكار بدائل ووسائل للتعاون المثمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الإطارين التشريعي والرقابي، ومجلس الأعيان الذي يحرص على الارتقاء دوماً الى مستوى الثقة الملكية الغالية سيكون بالتأكيد في مقدمة قوافل الحرص الوطني التي تنتصر للهوية والثقة والدستور.

وحمى الله وطننا الحبيب وقيادتنا الحكيمة من كل سوء.

د. طلال طلب الشرفات

في بناءِ الدولة: الحكومة ومجلس الأعيان

في بناءِ الدولة: الحكومة ومجلس الأعيان

الحديث لن يكون مجدياً في هذه المرحلة عن طبيعة العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب؛ لأن الأخير قد شرع للتو في مغادرة المسار الإنتخابي بعد ولادة قاسية ومتعبة ولكنها كانت ضرورية في ظل ظروف وبائية مرعبة وجائحة مزعجة أطبقت على الزَّرع والضَّرع ورافقها إصرار وطني كبير، وحرص ملكي أكبر في إنفاذ الدستور واحترام المواقيت الدستورية، وعندما يتعلق الأمر بحماية الدستور، نجد أن حامي الدستور جلالة الملك – حفظه الله – ينهض دوماً بإعلاء شأنه وإنفاذ أحكامه…

اقرأ المزيد

بقلم: أ.د.يونس مقدادي

جامعة عمان العربية

تُعد مخرجات التعليم الجامعي النواتج النهائية لإعداد الكوادر البشرية المؤهلة التي يفترض أن تؤدي دوراً فاعلاَ في تسيير وإدارة أنشطة مؤسسات سوق العمل إنطلاقاً من رؤية ورسالة وأهداف الجامعات بإعتبارها مصنعاً للمعرفة  والعقول والمهندس الفعلي للعملية التعليمية التعلمية برمتها وسعيها الدؤوب لصناعة كوادر مؤهلة لقيادة مؤسسات سوق العمل.  وتجدر الاشارة , بإن هذه المخرجات تعتمد على جملة المدخلات في العملية التعليمية والمتمثلة بتوفر الكفاءات الأكاديمية، والإدارية، والفنية ، والمتطلبات المادية  والتقنية، والتي بمجملها توظف من أجل انتاج مخرجات تعليمية ترقى مع مستوى الطموح لسوق العمل وأصحابه.

أن مخرجات التعليم تعُد من أبرز المسؤوليات وذات الأولوية لدى الجامعات وذلك وفقاً  لرؤيتها وخططها الإستراتيجية، لا بل أن مخرجات التعليم هي المقياس الحقيقي للحكم على جودة التعليم  وفقاً للمعايير الأكاديمية المحلية والعالمية. ولهذا تسعى الجامعات بكل إمكانياتها حرصاً منها نحو تحقيق أهدافها التعليمية من خلال مخرجاتها التعليمية لضمان بقاءها في مصاف الجامعات ذات السمعة العالية والريادة على المستوى المحلي والاقليمي والعالمي.

أن سوق العمل بقطاعاته المختلفة والمتمثل بإصحاب العمل يعد القاضي الفعلي في الحكم على مخرجات التعليم ومواصفات الخريجين ومدى ملائمتهم لسد إحتياجاته ومتطلباته، ولهذا يعتبر سوق العمل شريكاً إستراتيجياً للجامعات بالتشاركية في عملية التحسين والتطوير إستجابة لتطورات وتحديات سوق العمل المتسارعة والتي أصبحت تشكل تحدياً للجامعات وما سيترتب على ذلك من تغيرات مما دفع بالجامعات إلى إعادة ترتيب سلم أولوياتها بدءاً من تطوير مدخلاتها إنطلاقاً من حرصها على الموائمة والتميز في عطاءها المنشود.

وقد سُعدنا منذ يومين من خلال وسائل الأعلام بقرار مجلس التعليم العالي كجهة رسمية عليا وذلك انطلاقاً من حرصها الدؤوب على تطوير منظومة التعليم بإعتباره مطلباً وطنياً، وذلك بتوجيه الجامعات الحكومية والخاصة بضرورة إجراء مراجعة شاملة للخطط الدراسية لكافة البرامج الأكاديمية في الجامعات مع التركيز على الجانب التطبيقي في كافة المساقات ، بالإضافة إلى المهارات والكفايات والتدريب العملي والتي يجب أن تكون جزءٍ لا يتجزء من العملية التعليمية لتحسين مخرجات التعليم  وقدرتها على مواكبة متطلبات سوق العمل وطموحاته من خلال تخريج طلبة على قدر من الكفاءة وبمواصفات نوعية مميزة.

ونحن في الوقت الذي نبارك فيه هذه القرار الصادر عن مجلس التعليم العالي إذ نؤكد معاً ومن باب الحرص والتشاركية بإن هناك حاجة ماسة لمراجعة مدخلات التعليم ومخرجاته للعمل على تحسينها من أجل أن تبقى الجامعات ليس فقط منارة للعلم وإنما شريكاً وطنياً في تحمل المسؤولية كما عهدناها من خلال رفدها للكفاءات والكوادر البشرية المدربة والمؤهلة لتكون طرفاً في تحمل المسؤولية والتي بدورها تقوم على تنمية وتطوير سوق العمل والنهوض بكافة قطاعاته بفاعلية وإقتدار ، ولا ننسى المردود المعنوي الذي سيعود ريعه لصالح الجامعات عندما تجد خريجيها تتربع في مواقع وظيفية قيادية محلياً وأقليمياً ودولياً.

أن ترجمة أفكار تحسين نوعية مخرجات التعليم عملياً تتطلب من الجامعات المزيد من الجهود المتمثلة بمجموعة من الإجراءات العملية ومنها العمل على إجراء مراجعة دورية لخطط وإستراتيجيات الجامعات فيما يخص مخرجاتها التعليمية في كل عام دراسي ولكل برنامج أكاديمي، وإعتماد آليات إجرائية لقياس نوعية مخرجات التعليم ومنها ربط ما تم توظيفه من الخريجين مقروناً بالعدد الكلي ولكل برنامج أكاديمي ،واجراء المزيد من الدراسات الاستطلاعية والمسحية لسوق العمل وإحتياجاته وبشكلٍ خاص ماهية مواصفات الطالب الخريج والعمل بموجبها، والتوجه نحو الجانب التطبيقي ، وتنويع مؤشرات القياس للأهداف التعليمية والتي تصب بمخرجات التعليم بنهاية المطاف، وتنويع أساليب التدريس وأدواته، وتطوير القدرات المعرفية والتطبيقية لأعضاء الهيئة التدريسية، وتشكيل مجالس إستشارية في الجامعات بحيث تضم عددٍ من أصحاب العمل ومن مختلف القطاعات والمؤسسات الريادية للأستفادة من خبراتهم التراكمية من أجل تحسين مدخلات ومخرجات التعليم في الجامعات بما يرقى مع مستوى طموحات أصحاب العمل.

مخرجات التعليم الجامعي وطموحات سوق العمل

مخرجات التعليم الجامعي وطموحات سوق العمل

بقلم: أ.د.يونس مقدادي جامعة عمان العربية تُعد مخرجات التعليم الجامعي النواتج النهائية لإعداد الكوادر البشرية المؤهلة التي يفترض أن تؤدي دوراً فاعلاَ في تسيير وإدارة أنشطة مؤسسات سوق العمل إنطلاقاً من رؤية ورسالة وأهداف الجامعات بإعتبارها مصنعاً للمعرفة  والعقول والمهندس الفعلي للعملية التعليمية التعلمية برمتها وسعيها الدؤوب لصناعة كوادر مؤهلة لقيادة مؤسسات سوق العمل.  وتجدر الاشارة , بإن هذه المخرجات تعتمد على جملة المدخلات في العملية التعليمية والمتمثلة بتوفر الكفاءات الأكاديمية، والإدارية، والفنية ، والمتطلبات…

اقرأ المزيد

بقلم: أ.د.يونس مقدادي – جامعة عمان العربية

تقوم الجامعات بوظيفتها التعليمية إنطلاقاً من رؤئيتها ورسالاتها وذلك من خلال عدد من البرامج الأكاديمية ولمختلف الدرجات العلمية . وتقوم هذه البرامج الأكاديمية بمجملها على خطط دراسية متنوعة المتطلبات  منها متطلبات جامعة وكلية وتخصص دقيق.أما المساقات التخصصية والتي تعُد الأساس فهي موزعة على عدد من المجالات المعرفية التخصصية لكل برنامج بحيث يتضمن كل مجال معرفي على عدد من الساعات المعتمدة بما لايزيد مجمل عدد الساعات لكافة المجالات المعرفية عن 70% من إجمالي الخطة الدراسية للبرنامج الواحد. لكن المجالات المعرفية الحالية تفتقد إلى مجالٍ مستقل يتعلق بالجانب العملي التطبيقي وإنما يوشار له ضمنياً بمالايزيد عن ستة ساعات معتمدة في أغلب الحالات وأخص هنا التخصصات الإنسانية والإجتماعية والأدبية والتي تعُد أكثر البرامج عدداً في جامعاتنا الأردنية.

 

لو دققنا النظر بمجمل الخطط الدراسية لهذه البرامج لنجد بإن غالبيتها تفتقد إلى الجانب التطبيقي والعملي بالمقارنة بالبرامج العلمية ، علماً بإن هذه البرامج لا تقل أهمية من وجهة نظر أصحاب العمل و الحاجة الماسة لهذه التخصصات الأنسانية والإجتماعية والأدبية في العديد من مؤسسات سوق العمل. ولكن عملية التطوير والتحديث على الخطط الدراسية  هي من أهم المسؤوليات التي تقع على عاتق الأقسام الأكاديمية في الجامعات والتي من المفترض أن ينظر بها لغايات تطويرها وبشكلٍ دوري بما يقتضيه سوق العمل وتحدياته لتقليل حجم الفجوة  المتعلقة بنوعية ومواصفات الطالب الخريج ،وما يتمتع به من قدرات ومهارات عملية وتطبيقية خلال فترة دراسته لتأهيله لسوق العمل، وهذا ما يسمى بمخرجات التعليم.

 

وإنطلاقاً من ذلك نعتقد جازمين بإن الخطط الدراسية للبرامج الأكاديمية وبمكوناتها من مساقات تخصصية مختلفة هي الأساس في سد حاجة سوق العمل للكوادر المطلوبة من حيث المضمون المعرفي والتطبيقي، ولكننا وما زلنا نسمع ومن أفواه أصحاب العمل بإن هناك ضعف حقيقي لدى الخريجي بالجوانب التطبيقية والعملية، ونسمع أيضاً بإن العديد من أصحاب العمل يفضلون توظيف خريجين من جامعات معينة دون غيرها وإعطاءهم الأولوية بالتوظيف أو نقاط تميزهم عن غيرهم من خريجي بعض الجامعات، وهذا يدل على أن أصحاب العمل قادرين على التقييم والحكم بما يخدم مصالحهم، وعلى ما أعتقد بإن هذا حق مكتسب لهم بإتخاذهم هكذا قرارات ليتناسب ذلك مع مصالحهم. والسؤال الذي يطرح نفسه ماسبب هذا التوجه لدى أصحاب العمل بالتركيز على خريجي جامعات معينة دون غيرها لغايات التوظيف؟ فالجواب متروكاً لكم . ولكن نقول وبكل صراحة بإن المعرفة لوحدها لا تكفي بحد ذاتها وأنما تزامناً مع التدريب والتطبيق العملي بإعتبارهما الكفالة الحقيقية لضمان تخريج طلبة مؤهلة وقادرة على التكيف مع متطلبات سوق العمل ، ووبنفس الوقت لضمان أعلى درجات الرضا لدى أصحاب العمل وكسب ثقتهم بالجامعات، وبنفس الوقت من السهولة بمكان على الطالب الخريج االتنافس بقوة والاستحواذ على فرص العمل المتاحة محلياً ودولياً،ناهيك عن إظهار معالم التنافسية بين خريجي الجامعات وإمكانياتهم المعرفية والتطبيقية.

 

وبإعتقادي ولمعالجة هذا الأمر بإنه لابد من مراجعة شاملة لمصفوفة الخطط الدراسية ومجالاتها المعرفية للبرامج الأكاديمية والتي تتطلب بالتالي إلى تطويراً نوعي ، والتركيز على الجانب العملي والتطبيقي بما لايقل عن 30% لكل مساق من المساقات التخصصية ، وإختزال المساقات النظرية قدر الأمكان أو دمجها بمساقات ذات محتوى تطبيقي وعملي، والابتعاد عن التنظير في عملية التدريس وأدواته، ورفع عدد الساعات المعتمدة الخاصة بمساقات التدريب العملي من ثلاث ساعات لتصل إلى أثنى عشر ساعة معتمد كحد أقصى موزعة على فصلين من السنة الدراسية الأخيرة للطالب، وعقد إتفاقيات شراكة مع مؤسسات سوق العمل الريادية لتدريب الطلبة لديها، ومن الممكن أيضاً إنشاء مراكز تدريب خاصة داخل الجامعات لتدريب الطلبة،وتوفير المختبرات التطبيقية والبرمجيات المتخصصة للتدرب عليها، وزيادة الوعي لدى الطلبة بما يحتاجه سوق العمل من مهارات وقدرات عملية من الزيارات الميدانية وورش العمل ودعوة محاضرين مختصين من أصحاب العمل.

 

أن تخريج طلبة مؤهلون  ومدربون سيرفع من شأن الجامعات عملياً في معالجة العديد من التحديات التي يواجهها الطلبة الخريجين في سوق العمل بإعتبارها مؤسسات تعليمية صانعة للعقول ورافدة للكوادر المؤهلة والمدربة لسوق العمل في كافة قطاعاته، ناهيك عن تميز الطلبة وظيفياً وما له من إنعكاسات إيجابية في بناء الصورة والسمعة الطيبة لصالح الجامعات، مع الأخذ بعين الأعتبار كافة المعايير الأكاديمية التي تؤكد على جودة الخريجين بإعتبارها المرآة الحقيقية لرؤية ورسالة الجامعات.

الخطط الدراسية للبرامج الأكاديمية والجانب التطبيقي

الخطط الدراسية للبرامج الأكاديمية والجانب التطبيقي

بقلم: أ.د.يونس مقدادي – جامعة عمان العربية تقوم الجامعات بوظيفتها التعليمية إنطلاقاً من رؤئيتها ورسالاتها وذلك من خلال عدد من البرامج الأكاديمية ولمختلف الدرجات العلمية . وتقوم هذه البرامج الأكاديمية بمجملها على خطط دراسية متنوعة المتطلبات  منها متطلبات جامعة وكلية وتخصص دقيق.أما المساقات التخصصية والتي تعُد الأساس فهي موزعة على عدد من المجالات المعرفية التخصصية لكل برنامج بحيث يتضمن كل مجال معرفي على عدد من الساعات المعتمدة بما لايزيد مجمل عدد الساعات لكافة المجالات المعرفية…

اقرأ المزيد

الأستاذ الدكتورعدنان الجادري

     جامعة عمان العربية                                                           

مع بداية العقد الثالث من الألفية الثالثة التي نعيشها تواجه شعوبنا العربيه العديد من التحديات التي فرضتها المتغيرات  والمستجدات على الساحة الدولية،  والتي يمكن اختزالها في العولمة والتقانة المتقدمة والانفتاح الإعلامي والانفجار المعرفي في مجال تكنولوجيا المعلومات والثورة الصناعية الرابعة والتكتلات الاقتصادية والثقافية وماافرزته جائحة كورونا من تاثيرات سلبية على اقتصاديات الدول وخططها التنمويه . وهذه المستجدات وغيرها تشكل تحديات ثقيلة ينبغي على دولنا العربية التعامل معها وفق اليات واستراتيجات تنطلق من رؤية واقعية وعمليه والتركيز على الميادين التي يمكن ان تلعب دوراً مهماً في مواجهتها.

     وبالنظر للمكانة الاساسية التي تتبوؤها المؤسسات التربوية والتعليمية في عالمنا المعاصر باعتبارها البيئة العلمية المؤهلة لامداد مؤسسات الدولة والمجتمع  بالموارد البشرية الكفوءة والمقتدرة في تحقيق التقدم بكافة ميادين الحياة والتي تعد مصنعاً للثقافة والمعرفة . وباتت اهدافها لن تعد ترفاً مجتمعياً لأعداد موارد بشرية ومنحهم شهادات في اختصاصات مختلفة لشغل الوظائف في سوق العمل بل اصبحت خياراً استراتيجياً في اطارمنظومة استثمار وتنمية الموارد البشرية لمواجهات تحديات الالفية الثالثة ، ولأن تؤدي دوراً ريادياً وقيادياً في احداث تحولات جذرية هادفة في بنية المجتمع وتطوره اقتصاديا واجتماعياً وحضارياً.

     ومن أجل مواجهة هذا الواقع ليس لنا من خيار سوى إيلاء اهتمام اكبر ومتزايد لقطاع التربية والتعليم وبالاخص منظومة التعليم المهني والتقني لأن تؤدي دوراً فاعلاً في مواجهة هذه التحديات وصياغة المستقبل لشعوبنا، لإن المستقبل بكل أبعاده وتحدياته يعتمد على اعداد المواطن المنتج والمبدع، وان تأهيله بكفاءة وفاعلية تمكنه من التفاعل الواعي مع التقدم العلمي والتقني الذي يؤثر بشكل مباشر على واقعنا الاقتصادي والأجتماعي .           

   ان واقعنا العربي يعاني جملة  من الاختلالات وعدم الاتزان الهيكلي في كافة الجوانب الحياتية وتتمثل هذه الاختلالات في ثلاثة ابعاد اساسية  هي منظومة التربية والتعليم فى علاقتها مع مؤسسات سوق العمل، واجهزة البحث والتطوير العلمي والتقني،و القيم والسلوكيات المجتمعية والثقافية , وبين هذه الابعاد الثلاثة علاقات تاثيروتأثر وتفاعل متبادل . ويكون تركيزنا في هذا المقال  على الجانب التريوي والتعليمي وبالتحديد التعليم المهني والتقني كمنظومة فرعية من المنظومة التربوية فى تفاعلها مع مؤسسات سوق العمل الإنتاج ، وباعتبارها الركيزة الأساسية للتنمية بكافة ابعادها الاقتصادية والاجتماعية .

   عرفت منظمة العمل العربية التعليم المهنى الفنى بأنه أحد مسارات التعليم المتاحة للتلاميذ بعد إنهاء مرحلة التعليم الأساسى ، وتتراوح مدة الدراسة فيه بين 2 – 3 سنوات ويستهدف إعداد العمالة المتخصصة  لسد احتياجات سوق العمل الوطنى والإقليمى فى مستوى العامل الماهر بحسب مستويات المهارة في التصنيف العربي المعياري للمهن, وتمكين الملتحقين فيه من مواصلة التعليم التقني والجامعي في مجال التخصص المهني . وعرفت “التعليم التقنى” بأنه تعليم جامعى متوسط، يلتحق به الحاصلون على شهادة الثانوية العامه ومدة الدراسة فيه سنتان بالمتوسط، ويستهدف اعداد الخريج فى مستوى العامل الفنى / التقنى بحسب التصنيف العربي المعياري لفئات مستوى المهارة للمهن , وتمكين الملتحقين من مواصلة تعليمهم الجامعي في مجال التخصص التقني .
واتخذت منظمة التربية والعلوم والثقافة ” اليونسكو”  التابعه للامم المتحدة فى مؤتمرها  العام الدورة (31) المنعقدة فى باريس 15 أكتوبر – 3 نوفبر 2001 توصية هامة تتعلق  بتطوير وتحسين التعليم المهنى والتقنى وقد ضمنت فيها تعريفاً وأهدافاً لهما والتي نصت فيهما ان التعليم المهني والتقنى يمثلان جوانب العملية التعليمية التى تتضمن بالإضافة للتعليم العام دراسة التكنولوجيات والعلوم المرتبطة بها واكتساب المهارات والمعارف التي تتسم بالطابع العملى فيما يتعلق بالمهن والأعمال فى شتى قطاعات الحياة الاقتصادية والاجتماعية . وفضلاً عن ذلك ينبغي ان يكون التعليم المهني والتقني جزءاً من التعليم العام وسبيلاً للالتحاق بعد التخرج الى قطاع المهن والانتاج واعتباره نمطاً من انماط التعلم مدى الحياة واداة لتعزيز التنمية  المستدامة والتخفيف من وطأة الفقر والبطالة وتعزيز المواطنة الصالحة .
وعلى هذا يعد التعليم المهني و التقني من أنواع التعليم النظامي، الذي يهدف بالمقام الأول الإعداد التربوي للطلبة وإكسابهم المهارات والمعرفة المهنية، والذي تقوم به عدة مؤسسات تعليمية نظامية هدفها إعداد اجيال من المهنيين والتقنيين المهرة في شتى التخصصات الصناعية والزراعية والتجارية  والصحية والفنية… لتلبية احتياجات سوق العمل من الموارد البشرية المؤهلة مهنياً .

   ومن خلال نظرة متفحصة ومعمقة لواقع التعليم المهني والتقني في عالمنا العربي نجد انه يعاني من مشكلات كبيرة رغم الشوط الذي قطعاه هذان النمطان التعليميان وما تم تحقيقه من انجازات فانهما ما زالا مقيدان بثقافة المجتمع التي جوهرها ثقافة العيب اتجاه العمل المهني والنظرة الى  هذين النمطين من التعليم بشىء من الأزدراء والدونية وذلك لانهما يؤهلان التلاميذ للمهن اليدوية والعمل الحرفي وهذا من شأنه لا ينسجم مع طبيعة الموروث الثقامي والقيم والتقاليد والافكار التقليديةالسائدة التي نشأ عليها المجتمع والتي تعلي شأن التعليم النظري والفكري على العمل الحرفي والتقني .و للأسف، ونحن نعيش القرن الواحد والعشرين ونجد الأعتقاد السائد لدى أولياء أمور الطلاب أن التعليم المهني والتقني لا قيمة له، و يلتحق به الفاشلين من الطلبة في الدراسة الذين لايتمكنون من الحصول على درجات عالية، وليس امامهم من سبيل سوى الالتحاق بالتعليم المهني والتقني.  ونتيجة لذلك يلجأ الكثير من الطلبة إلى الالتحاق بالتعليم الجامعي أو الأكاديمي، فنحصد في النهاية جيل كبير من الطلبة في الجامعات بعضهم تخرج والبعض الآخر متكدس في مقاعد الدراسة لم يتمكن من التخرج وانعكاس ذلك على ارتفاع نسب البطالة بين المتعلمين في تلك المجتمعات وزيادة معدلات الفقر  .

   وبمقارنة اوضاع التعليم المهني والتقني بالتحديات القائمة في الوقت الحاضر وما سيواجههما من تحديات في المستقبل نكاد نجزم بانهما غير قادران على الاستجابه والتصدي لتلك التحديات وذلك لاستمرار هذه الثقافة والتي ما لم تكسر قيودها تبقى  معضلة امام التنمية والتطوير.

    اضافة الى هذا الموروث الثقافي السائد في مجتمعاتنا العربية فقد ساهمت أنظمة التعليم بشكل كبير في تعزيز تلك النظرة السلبية للمجتمع نحو التعليم المهني والتقني, وذلك من خلال الانظمة والتشريعات التي تجعل من خيار التعليم المهني والتقني في ادنى سلم اولوليات الخيارات المتاحة  لدراسة الطالب بل اصبح خيار من لا خيار له بناءً على الدرجات التي يحققها في المرحلة الابتدائية، حيث يلتحق الطلاب ذوي المعدلات العالية بالتعليم الثانوي الأكاديمي، بينما يلتحق من لم يستطع تحصيل معدلات عالية بمدارس التعليم المهني وكذلك الذين لا يحصلوا على معدلات عالية في التعليم الثانوي الاكاديمي بمعاهد ومؤسسات التعليم التقني . هذا فضلاً عن الدور السلبي الذي تؤديه المؤسسات التعليمية التي يجدر بها  أن تراعي كلا الجانبين المهني والأكاديمي معًا, فانها توجه جل اهتماماتها نحو التعليم الاكاديمي الجامعي وتتغافل عن أهمية الكنز المدفون “التعليم المهني والتقني”، فيا ترى ولمصلحة مَن تحجيم الدور العظيم الذي يلعبه التعليم المهني والتقني في اقتصاديات وتنمية المجتمعات؟  ولماذا نتعمد تجاهل دور التعليم المهني والتقني في بناء وتطوير  المجتمع بكافة ابعاده التنموية والحضارية . بالرغم من الشعور السائد لدى النظم التعليمية العربية بان احد عوامل نهضة وتطور الدول المتقدمة صناعيا ً وتكنولوجياً  مثل الولايات المتحدة الامريكية والمانيا واليابان والصين واوروبا ودول شرق اسيا وغيرها يتم من خلال التعليم المهني والتقني، وذلك لانهما  يشكلان اهم دعامات التنمية البشرية التي يقوم عليها تطور تلك الدول .

    على العكس من ذلك دولنا  العربية  التي تعاني من المشكلات في ميدان التنمية البشرية الناتجة عن اهمال هذان النمطان التعليميان والذي انعكس بشكل كبير على ضعف الإقبال عليه، وتفادي أولياء الأمور إلحاق أبنائهم وعدم وجود فرص عمل حقيقية أمام الملتحقين بهما  بعد التخرج، كنتيجة لانفصال التعليم ومناهجها في تلك المدارس عن سوق العمل وتوجهاته . وقد زادت الفجوة في الوقت الحالي، بين مخرجات التعليم االمهني والتقني واحتياجات سوق العمل، بسبب عدم ارتباط منظومة المنهج التعليمي ببعضها، وضعف التنسيق والتكامل بين قطاع التعليم المهني والتقني ومؤسسات سوق العمل  بالاخص في مجال التدريب.

  وعموماً , لم تصل معظم الدول العربية وانظمتها التعليمية الى التخلص من  هذه النظرة المتخلفة والبالية وتحجيم آثاراها المعرقلة لنمو المجتمع وتطورة رغم التحولات التي تظهر في عديد من المجالات الاقتصادية والأجتماعية . ووفقاً لبعض الدراسات والأبحاث في السنوات الاخيرة حول المشكلات التي تعاني منها منظومة التعليم المهني والتقني في الدول العربية اظهرت جملة  أسباب أدت الى ضعف وتدني واقع التعليم المهني والتقني وعدم الرغبة للالتحاق والدراسة فيهما منها :

1 – ضعف التحاق الطلبة في الدول العربية ببرامج التعليم المهني أو التقني .واذا التحقوا بهذين النمطين من التعليم فلا يحصل هذا الالتحاق على الأغلب عن قناعة ورغبة لكونهم يشعرون بالحرج امام اقرانهم والمجتمع بضعف اهمية هذان النمطان من التعليم .

2 – ضعف الادراك المجتمعي وحالة الجهل بماهية التعليم المهني والتقني واهمية مخرجاتهما في تفعيل حركة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، و بناء المجتمع، ويعزى السبب بدرجة اساسية الى غياب الدورالتربوي الذي يتمثل بالإرشاد والتوجيه المهني الذي يفترض ان تساهم بم كافة مؤسسات الدولة وبشكل خاص المؤسسات التعليمية والاعلامية .

3 – ضعف ارتباط مناهج التعليم المهني والتقني بالواقع العملي للمهن االسائدة في سوق العمل، وعدم ملائمة مخرجاتها التعليمية لمتطلبات سوق العمل الملحة، وبالتالي يصبح الطالب الذي يحمل الشهادة المهنية والتقنية غير قادر على الأستجابة مع متطلبات سوق العمل ..

4 – ارتباط  فكرة الالتحاق بالتعليم المهني والتقني بالفشل الدراسي لدى الطلبة وأنه لا يؤمن المستوى الاجتماعي والدخل المادي المطلوب ..

    إن التحديات الماثلة أمام مجتمعاتنا العربية تفرض الحاجة إلى تكوين قدرات بشرية مؤهلة وقادرة على التكيف والتعامل مع كلّ جديد، فنحن نعيش في عالم يتميّز بديمومة التغيير، مما يفرض مراعاة دؤوبة لاحتياجات الموارد البشرية كأساس جوهري وذلك من خلال سياسات واضحة وجادة لتطوير التعليم المهني والتقني ومنسجمة مع مستقبل الأجيال القادمة.

    ولهذا نرى هناك ضرورة  إلى أجراء تقويم مستمر للنظم التعليميه يشكل عام والتعليم المهني والتقني بشكل خاص حتى نضمن التجديد والتوافق المستمر مع  المتغيرات على الساحة الدولية. ويجب ألا ننسى أننا نعيش في عالم تتلاشي فيه المسافات الجغرافية، وآخذ في التعولم، وهذا يدفعنا الى المناداة بإعادة نظر جادة في نظم التعليم في منطقتنا العربية إذا أريد للتعليم المهني والتقني أن يسهم في تشكيل الرافد االتنموي للمجتمع ومدخل للبناء والتقدم الاقتصادي والاجتماعي . وذلك بوضعه ضمن اولى  الاهتمامات والتوجهات الوطنية للدول وفي اطار فلسفة واضتحة ومحدده تترجم الى استراتيجيات ذات مديات مختلفة تنتج عنها برامج ومشروعات ذات اهداف تستجيب لحركة الواقع وايقاع الحياة بشكل فعال .

التوجه نحو تطوير منظومة التعليم المهني والتقني يشكل المدخل لمواجهة تحديات التنمية في واقعنا العربي

التوجه نحو تطوير منظومة  التعليم المهني والتقني يشكل المدخل لمواجهة تحديات التنمية في واقعنا العربي

الأستاذ الدكتورعدنان الجادري      جامعة عمان العربية                                                            مع بداية العقد الثالث من الألفية الثالثة التي نعيشها تواجه شعوبنا العربيه العديد من التحديات التي فرضتها المتغيرات  والمستجدات على الساحة الدولية،  والتي يمكن اختزالها في العولمة والتقانة المتقدمة والانفتاح الإعلامي والانفجار المعرفي في مجال تكنولوجيا المعلومات والثورة…

اقرأ المزيد

بقلم: أ.د.يونس مقدادي- جامعة عمان العربية

مازال التعليم عن بعُد الخيار الوحيد أمام جامعاتنا الأردنية لضمان إستمرارية المسيرة التعليمية في ظل جائحة كورنا والتي ما زالت تفرض نفسها على المؤسسات التعليم الأساسي والجامعي، داعين الله تعالى الخلاص منها بالقريب العاجل،على الرغم لم يتوقع الكثير منا بإن هذه الجائحة ستطول أكثر من فصل دراسي واحد. لكن طول المدة  بإعتقادي قد شكلت تحولاً وتجربة واقعية في تفكير حاكمية الجامعات والجهات الرسمية المعنية في كيفية التعامل مع هذه المنظومة التعليمية الالكترونية وتحدياتها والمرتبطة تماماً بتكنولوجيا التعليم وبنيتها التحتية من ناحية ، وكيفية إستخدامها من قبل أعضاء الهيئة التدريسية والعاملين من ناحية أخرى ، ناهيك عن الايفاء بمتطلبات العملية التعليمية ومخرجاتها حسب الأصول.

لقد لاحظنا وبتمعن كافة الإجراءات والتدابير التي إتخذت سواء على المستوى الرسمي للجهات المعنية أو الجامعات والتي كانت بمجملها تتعلق بكيفية ضمان سير العملية التعليمية قدر الإمكان مع الأخذ بعين الأعتبار الإمكانيات والموارد المتاحة للجامعات تحقيقاً لرسالاتها التعليمية وبجودة تعليمية عالية المستوى. وبالمقابل لقد سمعنا العديد من الأصوات ومصدرها أصحاب الاختصاص بالتعليم الجامعي،وأصحاب الرأي في وسائل الأعلام المختلفة ، وذوي الطلبة والذين أشارو بإن عملية التعليم عن بعُد إذ يسودها العديد من المشاكل والعقبات والتحديات والتي بمجملها ناتجة عن ضعف في البنية التكنولوجية التحتية ، والتباين الواضح بمواصفات هذه البنية بين الجامعات وتدني مستوى ثقافة إستخدام تكنولوجيا التعليم عن بعُد، مما كان لها الأثر الأكبر حسب قناعات الطلبة وذويهم لمنظومة التعليم عن بعُد.

وبكل أمانة نحن لا نتكلم عن المثاليات أو الأنتقاد لأننا ندرك تماماً بإن منظومة التعليم عن بعُد لها متطلباتها وبنيتها التحتية وأدواتها الكبيرة والضخمة والمكلفة بنفس الوقت ، ونقدر بنفس الوقت كافة الجهود المبذولة والساعية لضبط وضمان سير العملية التعليمية بأحسن وجه وبأقل المخاطر. ولكن السؤال الرئيس والمتعلق بالاستفادة من هذه التجربة والتي دامت إلى ما يقارب سنة دراسية، وما هو المطلوب من الجامعات عمله بالمستقبل القريب بحق هذه التجربة ونتائجها؟ وما هي الأطر الاستراتيجية المتبناه من حاكمية الجامعات بحق التعليم عن بعُد؟ وما هي القناعات التي تولدت لدى أطراف العملية التعليمية في الجامعات لبناء فكراً وتوجهاً يقوم على التشاركية لإخراج منظومة التعليم عن بعُد بشكلٍ تكاملي؟

وبإعتقادي المتواضع بإن العبرة المستفادة من هذا الظرف هو إعادة النظر بحثيات هذه التجربة بالتشخيص الموضوعي وصولاً للحلول المناسبة والتي تهدف بنهاية المطاف إلى تبني منظومة التعليم عن بعُد في الجامعات كخياراً إستراتيجي. وهذا يتطلب من الجامعات تقيماً نوعي لواقع التجربة وبكل أمانة ومصداقية، مع ضرورة إجراء دراسات إستطلاعية يشارك بها كافة الأطراف ذات العلاقة وأخذ آراءهم على محمل الجد، وسن تشريعات خاصة بمنظومة التعليم عن بعُد، وترسيخ ثقافة التعليم عن بعُد لدى حاكمية الجامعات أولاً لبناء توجهات مستقبلية نحو التعليم عن بعُد كي يصبح واقعاً ونهجاً لا غنى عنه وجزءٍ لا يتجزء من العملية التعليمية لأن هناك نسبة لا بأس بها من منتسبي الجامعات مازالت غير مقتنعة بمنظومة التعليم عن بعُد ولأسباب مختلفة، والزام الجامعات بتدريس بما لا يقل عن 25% من أجمالي عدد الساعات المعتمدة للخطة الدراسية  لكل برنامج أكاديمي ، وتزيد نسبة تدريس المساقات لغايات التعليم عن بعُد كل سنتين ضمن شروط معينة حتى تصبح النسبة خلال عشرة سنوات 100%، وعلى الجهات الرسمية المختصة تقديم كافة الدعم اللوجستي للجامعات نحو تبني منظومة التعليم عن بعُد، وتقديم إعفاءات للجامعات الحكومية والخاصة لتطوير وتأهيل بنيتها التكنولوجية التحتية، وكذلك توفير كمبيوتر محمول لكل طالب جامعي وبأسعار رمزية.وبهذه الحالة أعتقد ومع الزمن القريب سنجد منظومة التعليم عن بعُد قد أصبحت خياراً إستراتيجي لصالح الجامعات ناهيك عن العوائد والوفورات المالية التي ستحققها مقارنة بمنظومة التعليم الوجاهي وتكاليفه، وإتاحة الفرصة أمام الجامعات وبمساحة أكبر في عملية استقطاب الطلبة محلياً ودولياً.

الجامعات والاستفادة من تجربة التعليم عن بعُد

الجامعات والاستفادة من تجربة التعليم عن بعُد

بقلم: أ.د.يونس مقدادي- جامعة عمان العربية مازال التعليم عن بعُد الخيار الوحيد أمام جامعاتنا الأردنية لضمان إستمرارية المسيرة التعليمية في ظل جائحة كورنا والتي ما زالت تفرض نفسها على المؤسسات التعليم الأساسي والجامعي، داعين الله تعالى الخلاص منها بالقريب العاجل،على الرغم لم يتوقع الكثير منا بإن هذه الجائحة ستطول أكثر من فصل دراسي واحد. لكن طول المدة  بإعتقادي قد شكلت تحولاً وتجربة واقعية في تفكير حاكمية الجامعات والجهات الرسمية المعنية في كيفية التعامل مع هذه…

اقرأ المزيد

خطاب يستحق أن يوصف أنه خطاب قوة الدولة الأردنية وقوة شعبها صاحب العزم الذي كتب قصة نجاح اسمها الأردن. الملك، في خطابه الاستراتيجي السنوي الأهم، يشير لبعض من عناصر قوة الدولة؛ مائة عام على عمرها مليئة بالتحديات كاسرها الأردن وخرج في كل مرة أقوى ونظرة سريعة على الأعوام المائة الماضية تدلل بوضوح على صلابة الدولة وشموخها، وفي دلالة أخرى على القوة، أشار الملك لالتزام الأردن بالاستحقاقات الدستورية رغم ظروف الجائحة، وهو ما يؤشر على قوة الدولة وعلى إعلاء أركانها الدستورية وتقاليدها السياسية، ويبين جلالة الملك أيضا أن قوة الشعب وعزمه وثباته من أهم عناصر قوة الدولة ومنعتها، فقد حقق هذا الشعب العظيم الإنجازات وطاولت رأسه أعتى التحديات، وفي معرض خطاب الملك إشارة عز وافتخار لأحد أهم عناصر القوة والفخار الوطني، وهي المحببة للملك والقريبة لعقله وقلبه، وهي القوات المسلحة الأردنية الجيش العربي والأجهزة الأمنية الساهرة على أمننا واستقرارنا. يختار الملك في المناسبة الدستورية الأهم التذكير ببعض من أركان قوة الأردن وشعبه، وفي ذلك دعوة واضحة إلى حق الأردنيين في الافتخار ببلدهم وتاريخهم وقيمهم.

المرحلة المقبلة تتطلب التنسيق والتكاملية في العمل بين السلطات جميعا، وهو ما أكده الملك من ضرورة العمل بروح الفريق بعيدا عن المصالح الضيقة، وأن يكون نبراسنا جميعا المصلحة العامة وخدمة المواطن والأردن. هذه من متطلبات استعادة الثقة بين المؤسسات والمواطن؛ تكاملية العمل وضرورات التنسيق لا تغول لسلطة على الأخرى بل أن نلتزم بالصلاحيات الدستورية لكل سلطة من السلطات كما وردت بأحكام الدستور.

يشير الملك أيضا إلى أهمية المضي بمكافحة الفساد بأشكاله ومستوياته كافة، وهو يعلم كم أن هذا الجهد الوطني مهم وقريب لما يريده الأردنيون. صحيح أن ثمة مبالغات بالحديث عن الفساد يستفيد منه الفاسدون دون غيرهم فيما تتلوث صورة الوطن، لكن هذا لا يعني أن لا نستمر بالمضي بإقدام بمكافحة الفساد كما نصبوا كمجتمع وكما يشير الملك في خطاباته وتوجيهاته. ينبه الملك أيضا لضرورات المواءمة بين الاقتصاد وعافيته مع الإبقاء على أولوية صحة المواطن في ضوء الجائحة التي نشهد.

يختم الملك توجيهاته ورؤيته الاستراتيجية لأهم التحديات والملفات، بتأكيد موقف الأردن الراسخ من النزاع الأطول والأمرّ القضية الفلسطينية بضرورة قيام الدولة الفلسطينية ذات السيادة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، فتلكم مصلحة أردنية عليا، وغياب العدالة للقضية الفلسطينية سبب مغذ رئيس للعديد من نزاعات الإقليم وتطرفه وانعدام استقراره.

وللقدس مكانة عند الملك والهاشميين، فهم أصحاب الوصاية منذ أكثر من مائة عام، ويعتز الملك بحمل شرف هذه الوصايا والذود عن القدس، ويراها رمزا للسلام لا عنوانا للفرقة والتقسيم والنيل من السلام في مدينة السلام.

خطاب العرش؛ المناسبة السنوية المهمة التي تتضمن طرح التوجهات الاستراتيجية للدولة ممثلة بالملك، ويبقى على السلطات أن تعمل ضمن نهج ومظلة هذه التوجهات التي يحددها حامي الدستور وضامنه، ومظلة السلطات الثلاث وحامي التوازن فيما بينها، وهو دستوريا وسياسيا جلالة الملك.

الغد

د. محمد المومني

خطاب العرش

خطاب العرش

خطاب يستحق أن يوصف أنه خطاب قوة الدولة الأردنية وقوة شعبها صاحب العزم الذي كتب قصة نجاح اسمها الأردن. الملك، في خطابه الاستراتيجي السنوي الأهم، يشير لبعض من عناصر قوة الدولة؛ مائة عام على عمرها مليئة بالتحديات كاسرها الأردن وخرج في كل مرة أقوى ونظرة سريعة على الأعوام المائة الماضية تدلل بوضوح على صلابة الدولة وشموخها، وفي دلالة أخرى على القوة، أشار الملك لالتزام الأردن بالاستحقاقات الدستورية رغم ظروف الجائحة، وهو ما يؤشر على قوة…

اقرأ المزيد
1 2 3 4 5 29