قالت وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة جمانة غنيمات: اننا كاردنيين نتوحد جميعاً في وجه التحديات التي تواجه الوطن، ونلتزم بالثوابت التي جبلنا عليها، وهذا ما يُحسب لوسائل الإعلام الوطنية التي تكون دائماً على قدر التحدي.
وأكدت خلال محاضرة القتها في كلية الدفاع الوطني اليوم الاربعاء بعنوان: السياسة الإعلامية في الأردن وعلاقتها بالأمن الوطني، بحضور آمر الكلية وهيئة التوجيه والدارسين العسكريين والمدنيين الاردنيين والعرب، ان الإعلام الوطني بشقّيه الرسمي والخاص، هو جزء من حالة التلاحم الفريدة التي تجسدت خلال الأحداث المتسارعة التي مررنا بها، وقد أظهر مدى التزامه بالثوابت الوطنية، وثباته في الدفاع عن الوطن في وجه كل التحديات.
وبينت غنيمات ان للإعلام تأثيرا مهما على الأمن الوطني في كل المجتمعات، فالإعلام الحر والمسؤول هو عامل رئيس من عوامل تحقيق الأمن الوطني، وشريك أساسي في الذود عن المصلحة الوطنية، فيما يلعب الإعلام غير الملتزم بقيم الحرية والمسؤولية دوراً سلبيّاً قد يؤدي إلى خراب المجتمعات ودمارها.
واشارت الى ان الأحداث التي مرت بها العديد من الدول خلال السنوات الماضية تشكل دليلاً واضحاً على مدى تأثير الإعلام بمختلف أشكاله وأدواته على الأمن الوطني، لا سيما الحديث منها؛ فالتغيرات الكبيرة والصراعات من حولنا، وما نراه من تحولات وأحداث متسارعة، لعبت وسائل الإعلام دوراً كبيراً في بلورتها، خصوصاً أدوات الإعلام الحديث التي انتشرت بشكل واسع، فاجتازت كل الحواجز والقيود، وأسهمت في صناعة التغيير.
ولفتت الناطق الرسمي باسم الحكومة الى انعكاس هذا التطور على الواقع المحلي، كغيرنا من الدول والمجتمعات؛ فتطور أدوات الإعلام والاتصال، وتسارع الأحداث من حولنا، أدى إلى إحداث تغير كبير على مستوى تبادل المعلومات، وتعدد أشكالها من نصوص مكتوبة وصور وفيديو وغيرها ، ووصولها إلى شريحة واسعة من الناس، بالإضافة إلى التطور الذي طرأ على مستوى الصناعة الإعلامية.
وأكدت غنيمات ان ذلك لا يعني الاكتفاء بما نحن عليه، لأنّنا لا نعيش واقعاً مثالياً أو حالة فضلى، إذ لا نزال نتطلع إلى مزيد من التطوير والتحديث في بنية إعلامنا الوطني ليبقى دائماً في المقدمة، ورافداً رئيساً من روافد أمننا الوطني، وأداة مهمة من أدوات الدفاع عن ثوابتنا الوطنية والقومية، وقيمنا الراسخة والأصيلة.
وحول الرؤية الإعلامية الأردنية، قالت غنيمات: انه انطلاقا من الدور الفاعل للإعلام في تحقيق الأمن الوطني، فإنّ الحكومة تعكف حالياً على تطوير رؤية حضارية للإعلام الأردني، تخدم أهداف الدولة الأردنية، وتُعبر عن ضمير الوطن، وتأخذ بعين الاعتبار مصلحة المجتمع، وتلتزم في الوقت ذاته بالتعبير عن هموم المواطنين وقضاياهم واحتياجاتهم، وتعكس إرادتهم الحرة وتطلعاتهم.
واشارت الى ان هذه الرؤية تستند على التوجيهات الملكية السامية، التي تدعو دائماً إلى إيجاد إعلام وطني يقوم على قاعدتي الحرية والمسؤولية، كما تستند على القاعدة المتينة والمكانة المتميزة التي استطاع الإعلام الأردني أن يحتلها خلال السنوات الماضية، والتي يمكن أن نلحظها بوضوح لدى مقارنة واقعنا الإعلامي بالعديد من الدول؛ فنحن ورغم قلة الإمكانات نسبق العديد من الدول في هذا المجال، كما أنّ الإعلاميين الأردنيين أثبتوا حضوراً مميزاً لدى كبرى وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية.
وأكدت ان تكريس هذه الرؤية، وتعزيز المكانة التي يتبوأها الإعلام الوطني، وللحفاظ على الدور الإيجابي الذي يلعبه في تعزيز الأمن الوطني يحتاج منا إلى المضي بتطوير السياسات الناظمة لقطاع الإعلام، وذلك من خلال تجويد التشريعات، وتعزيز نهج الشفافيّة والانفتاح، وإطلاع المواطنين على كلّ ما يتعلّق بشؤونهم، ومعالجة قضاياهم ومشاكلهم.
واعتبرت ان ذلك يتحقق بالسعي إلى اتخاذ إجراءات جادّة لتطوير عمل الإعلام الرسمي، والانتقال به من مفهوم “إعلام الحكومة” إلى مفهوم “إعلام الدّولة” ليكون قادراً على المنافسة مع وسائل الإعلام الأخرى، وأداة فاعلة ومؤثِّرة لخدمة المواطنين، وحمل رسالة الوطن، والارتقاء بالخطاب الإعلاميّ الرسميّ. وحول تعزيز نهج الانفتاح، قالت وزير الدولة لشؤون الإعلام: ان الحكومة تعهدت في بيانها الوزاري باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان تدفّق المعلومات، وتكريس حق المواطنين في الحصول عليها، وتطوير الممارسة الفعلية لهذا الحق، وضمان أفضل السُبل لتحسينه وتجويده.
ولفتت الى أن الأردن يعد أول دولة عربية تشرع قانوناً خاصا لضمان الحصول على المعلومات، إلّا أن الصيغة الحالية للقانون تعرضت للكثير من النقد، لذا قامت الحكومة بدفع التعديلات على هذا القانون وأرسلتها إلى مجلس النوّاب لإقرارها وفق الأصول الدستوريّة.
وبينت ان التطور الحاصل في تقنيّة الاتصال ساهم بمضاعفة حجم المعلومات المتدفّقة عبر الفضاء الإلكتروني ووسائل الاتصال الحديث، حيث أصبح هذا الفضاء، رغم أهميّته، مناخاً خصباً لبثّ المعلومات غير الدقيقة، والشائعات، وبات أداة فاعلة للإساءة والتشهير واغتيال الشخصية؛ الأمر الذي زاد من حجم التحديات، وألقى على عاتقنا مهمة التعامل بجدية تامة مع الكم الكبير من المعلومات، مشيرة الى صعوبة التعامل مع هذا الواقع إلّا بمزيد من الشفافيّة والانفتاح، وضمان تدفّق المعلومات؛ ليتمكّن الجمهور من غربلتها، وسماع الرأي والرأي الآخر، وتمييز الشائعات والمعلومات الخاطئة بشكل مباشر، والردّ عليها.
وأكدت غنيمات اهمية تطوير أدوات التواصل مع الجمهور، لتواكب التطوّر الحاصل في تقنيّة الاتصال؛ ومن هنا جاءت فكرة إنشاء منصّة “حقّك تعرف” الإلكترونيّة لتكون أداة فاعلة في التواصل بين الحكومة والمواطنين، بهدف محاربة الشائعات، وتصويب المعلومات غير الدقيقة التي يتمّ تداولها بين الحين والآخر.
ولفتت ان إطلاق منصّة حقّك تعرف بالتزامن مع تطوير منصّة إلكترونيّة حكوميّة أخرى تحمل اسم خدمتكم تهدف إلى التعامل مع الشكاوى والقضايا الخدميّة التي تواجه المواطنين، والردّ على الاستفسارات والملاحظات التي ترد منهم حول مختلف الخدمات المقدّمة لهم.
واشارت الى ان الحكومة تعكف على إعداد استراتيجية إعلامية للارتقاء بمستوى أدوات الإعلام والاتصال الرسمي، وتنفيذ برنامج مواز لتمكين الناطقين الإعلاميين في مختلف الوزارات والمؤسسات، بهدف مواكبة نهج الشفافية والانفتاح، وتكريس حق وسائل الإعلام والإعلاميين في الحصول على المعلومات، وتهيئة المناخ الملائم للحريات الإعلامية، نظراً لأهمية التواصل وتقديم المعلومة.
وشددت غنيمات على اهمية أن يترافق هذا التوجه مع الالتزام بقيم الحريّة المسؤولة، واحترام الرأي والرأي الآخر، والابتعاد عن الإساءة والتشهير، فقد بتنا نلحظ استخدام بعض وسائل الإعلام وأدوات التواصل الاجتماعي لأغراض الإساءة والتشهير واغتيال الشخصيّة، وهذا مجرَّم قانوناً، كما ترفضه جميع القيم الدينيّة والإنسانيّة والمجتمعيّة.
وحول الإعلام والثوابت الوطنيّة، قالت غنيمات: ان رسالة الإعلام الوطني لا بد أن تنسجم مع مواقفنا الراسخة تجاه القضايا العربية والإقليمية والعالمية، إذ لا يقتصر دوره على الشأن المحلي فحسب، بل يعتبر خطّ دفاع مهما عن قضايانا العربية والقومية، ومبادئنا الثابتة تجاه مختلف القضايا والأحداث.
وبينت غنيمات ان القضيّة الفلسطينيّة في مقدّمة الثوابت التي يلتزم الإعلام الأردني بالدفاع عنها، فلا يخفى على أحد الدور الكبير الذي تلعبه وسائل الإعلام المحليّة في التعبير عن موقف الأردن التاريخي والثابت حيالها، وحيال مركزيّة القدس الشريف فيها كعاصمة للدولة الفلسطينيّة المستقلّة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967، وفقاً لقرارات الشرعيّة الدوليّة، وتطبيقاً لما جاء في مبادرة السلام العربيّة.
وأكدت ان الإعلام الوطني يجسد موقف الأردن المعتدل تجاه مختلف القضايا والأحداث، فيدعم الحلول التي تفضي إلى توفير أسباب الأمن والاستقرار للشعوب، ويدعو إلى وقف الانتهاكات والممارسات التي ترتكب بحقّها، ويؤكّد أحقّيتها في تقرير مصيرها، ويبذل جهوداً مضنية في سبيل إشاعة الأمن والسلام لها.
واشارت الى التزام الاعلام الوطني بالتعبير عن موقف الأردن الثابت تجاه نبذ العنف والصراع، والتطرف والإرهاب، وإشاعة الأمن والاستقرار، واحترام حقوق الإنسان، وترسيخ مبدأ التعددية، وأن يعمل على تعزيز الحوار بين الشعوب والحضارات والأديان، والابتعاد عن إثارة الفتن والقلاقل من خلال تزييف الحقائق، وتزوير الوقائع.
ولفتت الى ان الاعلام أضحى صاحب الكلمة العليا في التأثير بالرأي العام، والعنصر الأساس في بلورة وصنع الأحداث، ومن هنا لا بد من استثماره في إشاعة الألفة والسلام بين الشعوب، وإطفاء فتيل الصراعات والنزاعات والحروب التي تزايدت حدتها خلال السنوات الأخيرة.
واشادت غنيمات بالدور الذي تقوم به كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية من حيث إعداد القيادات وتأهيلها، ورفد المؤسسات بالكفاءات والخبرات المتميزة؛ معتبرة ان ذلك ليس غريباً عن مؤسسة تنضوي تحت لواء قواتنا المسلّحة الباسلة – الجيش العربي، التي كانت على الدوام محطّ فخرنا واعتزازنا، وأنموذجاً يحتذى في البناء والعطاء، إلى جانب دورها المحوري في الحفاظ على استقرار الوطن وحماية أبنائه.
واستمعت الوزيرة الى مداخلات من التلاميذ الدارسين من الاردنيين والعرب حول السياسات الإعلامية وكيفية النهوض بأداء المؤسسات الإعلامية الوطنية لمواجهة الاخطار التي تغزو الفضاء الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، وكيفية مواجهة الحملات الإعلامية المغرضة والتحديات التي تواجه الإعلام الوطني المسؤول.
وبينت اهمية التوازن بين المصلحة الوطنية والحريات والوقوف في صف الوطن والاجهزة الامنية، واعتبرت ان الاردنيين يقفون جبهة واحدة في صف الوطن للذود عن حماه.
واشارت الى اهمية تقوية ادوات الإعلام الرسمي والوصول لمرحلة التفريق بين الغث والسمين والحقيقة والكذب، وان إقرار الحكومة لقانون الجرائم الإلكترونية جاء لوقف الابتزاز وانتهاك الحياة الخاصة والحد من نشر الامور الاباحية واغتيال الشخصيات، والذي بدوره يسهم في حماية المجتمع وحماية المواطن من استباحة الاتهام دون حقيقة، ومواجهة الممارسات اللاأخلاقية بحجة حرية التعبير وليس لتكميم الافواه كما اشيع، بل جاء لخلق جو صحي للتعبير.
وأكدت غنيمات انها وجهت الإعلام الرسمي ليكون سلطة رابعة، وأداة رقابية على أداء الحكومة بالمعلومة القائمة على الاسس الثابتة والنقد البناء الذي يستند على حقيقة ثابتة، الى جانب توجيه الناطقين الإعلاميين في الوزارات والمؤسسات الحكومية للرد على الاقتراحات وملاحظات المواطنين بطريقة صحيحة تحقق غرض المعرفة، حيث يتم رصد جميع البرامج الصباحية الاذاعية والتلفزيونية لمعالجة جميع المشكلات التي يتقدم بها المواطنون.
–(بترا)