“حكايات تحت أشجار القرم”، هو دفتر الذاكرة الذي يدون فيه الشاعر عبدالرزاق الربيعي رحلة الكتابة متأملاً صور الحياة في سكونها وتقلباتها وصفوها وكدرها.
وفي الحكايات التي يختار لها مكانًا ينفتح على الأفق وأشرعة البحر يزخرف الشاعر الرقيق والإنسان النبيل أوراقه ليس بالقلم والحبر، وإنما بظلال روحه.
يستهل الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” بعمان بعبارة تشير إلى أن هذه المقالات التي نشرت في الصحافة والدوريات تمثل تأملات في صور الحياة.
وهي تتباين بين الحلو والمر، ويتنازعها الألم من لحظات الفرح، والتعب والشقاء من لحيظات الراحة، ربما هو طبع الحياة التي توقعنا في حبائلها ومصائدها دائما لنعرفها ونألفها، غير أننا لفرط انشغالاتنا مع الحياة ننسى أنفسنا وذواتنا.
ويذهب الشاعر الربيعي في الكتاب الذي يقع في 256 صفحة من القطع المتوسط إلى عزلة التأمل بإشارة لما تنطوي عليه الكتابة في الحياة التي نعيشها من استسقاء مالح كما أشجار القرم التي ترتوي بماء أجاج، ليستعيد حكاياته في ظلال أشجار القرم، وهي من النباتات التي تعيش في المناطق الشاطئية في الخليج العربي وترتوي بالماء المالح.
يقول الشاعر الذي صدر له نحو خمسين كتابا في الشعر والمسرح وأدب الأطفال في عتبة الكتابة: “بعد سنوات طويلة، وخبرات وظيفية متراكمة، ومشاهد يومية داخل دواليب العمل الصحفي في الأقسام الفنية والثقافية كنت أدون أهم ما أراه وأقرأه وأسمعه وارتأيت أن أضع التجارب في مقالات نشرتها في صحف ومجلات“.
ومع أنه يصور الحياة بكل وجوهها إلا أنه في أحايين كثيرة يشعر بمسؤولية أن يكتب ما يبعث على الأمل وخصوصًا في أزماتنا المعاصرة. و”يدعو فيها للإخاء والتسامح ونبذ العنف“.
وينظر الربيعي إلى تلك المشاهدات بشغف الشاعر ونباهة الصحفي ومشاعر الإنسان، ويضفي عليها لغته الرشيقة والشفافة التي تمنح الحكاية ملمحها الإنساني بعدها الجمالي.
الحكايات التي يقول الكاتب: إنها “تجارب واقعية”، تنوعت بين موضوعات وجغرافيات وأجناس مختلفة، تقع بين الثقافة والرياضة والمسرح والفن وقضايا والحرية والأمل المجتمع وشؤونه وشجونه.
كما تقع المقالات بين الماضي والحاضر والواقعي والخيالي، وغلبت على العناوين الفرعية التي اختارها الكاتب الفضاءات المعرفية التي تندى عن سعة اطلاع وخبرات الكاتب الثقافية وحسه النقدي، مثلما تنطوي المقالات على إشارات ترميزية وسيميائية غنية تقترب من الشعرية التي تحتمل الكثير من التأويلات.
ويحمل الكاتب الربيعي الجنسية العُمانية، وهو من أصل عراقي، صدر له جملة من المجموعات الشعرية، منها: حداد على ما تبقى، وغدا تخرج الحرب للنزهة، وليل الأرامل، وفي أدب الطفل منها “وطن جميل”، وحلاق الأشجار” وفي أدب الرحلات “خطى وأمكنة” وفي المسرح منها “الصعاليك يصطادون النجوم”وفي الكتابة النقدية منها “تحولات الخطاب النصي.