تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني، أمس الثلاثاء، جائزة مؤسسة جون تمبلتون للعام 2018 وسط حضور عدد من الشخصيات العالمية، والقيادات السياسية والفكرية والدينية، وذلك تقديرا لجهود جلالته في تحقيق الوئام بين الأديان، وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وحماية الحريات الدينية.
وسلمت حفيدة مؤسس الجائزة هيذر تمبلتون ديل جلالة الملك الجائزة، التي تعد أعلى الجوائز أهمية وقيمة في المجال الإنساني والديني، في حفل اقيم في كاتدرائية واشنطن الوطنية، تقديرا لجهود جلالته كأحد أهم القادة السياسيين على مستوى العالم في الوقت الحالي، الذي يعمل على تحقيق الوئام بين المذاهب الإسلامية وبين اتباع الدين الإسلامي وباقي الأديان في العالم.
كما قلدت تمبلتون ديل جلالة الملك ميدالية شجرة الحياة، وقدمت شرحا لجلالته والحضور حول الرموز التي تضمنتها مخطوطة الجائزة، والتي تعبر عن إنجازات جلالة الملك في المجالات التي تحتفي بها الجائزة، والمتمثلة في نشر العلم والمعرفة ومبادرات جلالة الملك لتحقيق الوئام بين الأديان، وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وحماية الحريات الدينية، إلى جانب رموز وطنية تعبر عن الأردن.
وأستهل جلالة الملك كلمته بالطلب من الحضور لدقيقة صمت استذكارا لضحايا الفيضانات التي اجتاحت الأردن.
وفيما يلي نص كلمة جلالة الملك:”بسم الله الرحمن الرحيمأشكركم جميعاً.
أود أن أتحدث أولاً عمن هم دائماً في ذهني ووجداني، إنها الأسر الأردنية التي فُجعت بفقد أبنائها وبناتها في الفيضانات التي شهدها بلدي الأردن.
تعجز الكلمات عن وصف ألمي وألم كل الأردنيين وحزننا بما فقدناه بسبب حادثتين طبيعيتين متلاحقتين لم يفصل بينهما سوى أسبوعين. كما أود أن أحيّي، أمام العالم، جميع الأردنيين الذين هبوا للمساعدة وتلبية النداء، من جيران وكوادر طبية وفرق إنقاذ.
حين نواجه أحداثا مأساوية، سواء أكانت الفيضانات في الأردن أم حرائق الغابات في كاليفورنيا التي أدت لخسائر في الأرواح، نجد أنفسنا كبشر مرتبطين حقاً مع بعضنا البعض في الأخوة، وأطلب منكم أن تقفوا معي دقيقة صمت نستذكر فيها هؤلاء الضحايا وأسرهم.
عميد الكاتدرائية هوليريث، أشكرك على ترحيبك الحار في كاتدرائية واشنطن الوطنية.
الشيخ حمزة يوسف، والبروفسور فولف، وصديقي العزيز الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريس، أشكركم على كلماتكم الطيبة.
كما أتقدم بجزيل الشكر لهيذر تمبلتون ديل ولأسرة ومؤسسة تمبلتون، وأدعو الله أن يجزي السير جون تمبلتون كل الخير على الإرث العظيم الذي تركه في سبيل إثراء الجانب الروحي في حياتنا كبشر، ونشر القيم الإيجابية في العالم أجمع، كم أتمنى لو أتيح لي أن ألتقي الراحل السير جون شخصياً، ولكن لقاء أفراد أسرته، الذين يسيرون على خطاه، هو بمثابة لقائه، فهم يجسدون القيم الفضلى التي كان يعمل لأجلها.
واليوم، يسعدني أن أتلقى هذا التقدير الكبير منكم جميعاً. واسمحوا لي أن أؤكد لكم أن جميع الجوانب التي تحتفون بها اليوم هي تعبير عمّا يستمر الأردنيون بإنجازه وعن نهج الحياة الذي اختاروه، وهو مبني على الإحسان المتبادل، والوئام، والأخوة، لذا، فإنني أقبل هذه الجائزة العالية الشأن باسم الأردنيين جميعاً.
أصدقائي،لطالما حرص الأردن على الاحترام المتبادل بين جميع الأديان، فأولو العزم من الرسل، كما وصفوا في القرآن الكريم، والذين حملوا رسالة التوحيد والدعوة إلى اليهودية والمسيحية والإسلام، قد باركوا، عليهم السلام أجمعين، أرض الأردن بمسيرهم فيها.
فقبر سيدنا نوح (عليه السلام) في الكرك، وسيدنا إبراهيم (عليه السلام) جاء من العراق عبر الأردن في طريقه إلى الخليل، وسيدنا موسى (عليه السلام) توفاه الله في جبل نيبو في الأردن، وعمّد سيدنا المسيح عيسى (عليه السلام) في الأردن على الضفة الشرقية لنهر الأردن على يد يوحنا المعمدان، والأردن يحرص أشد الحرص على المحافظة على هذا الموقع وغيره من المواقع، مرحّباً بزوارنا من حجاج مسيحيين وغيرهم من جميع أنحاء العالم.
رسول الله سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، قدم إلى الأردن مرتين، مرة في صغره برفقة عمه، وعندها رآه راهب بيزنطي وشهد أنه سيكون نبياً، وبعدها قدم إلى الأردن عندما كان تاجراً شاباً، لكن اللقاء الأول، الذي جرى تحت شجرة ما زالت باسقة في الصحراء الأردنية حتى يومنا هذا، هو لحظة التأسيس للعيش المشترك والوئام بين المسلمين والمسيحيين في الأردن.
أصدقائي،إن أولي العزم من الرسل كانوا في رحلة كفاح داخلية وذاتية مضوا فيها طاعة لأوامر الله، وأولى خطوات هذه الرحلة تبدأ بجهاد النفس داخل كل شخص فينا، سعياً لنكون على أفضل صورة.
وهذا الجهاد الأكبر الذي بذله الرسل أولي العزم كان نبراسا أنار الطريق لنا جميعاً، لذا، وكمسلم أقف معكم اليوم في هذه الكاتدرائية، أود أن أتحدث إليكم عن الجهاد.
إنني واثق أنكم لم تعتادوا سماع حديث كهذا في مثل هذا المكان، ولكن فهم حقيقة الجهاد أمر في غاية الأهمية.
إن الجهاد الأكبر لا يمت بصلة إلى الكذب المليء بالكراهية، والذي يفتريه الخوارج أمثال داعش ومن هم على شاكلتهم، أو الكذب الذي يدعيه أولئك الذين يخافون الإسلام ويشوهون ديننا الحنيف، الجهاد الأكبر هو الصراع الداخلي للتغلب على حب الذات والغرور، وهو الصراع الذي نتشارك فيه جميعاً سعياً لعالم ينعم بالسلام والوئام والمحبة.
ففي الإسلام، يعتبر حب الله وحب الجار وصيتين جوهريتين، وكما أشار الشيخ حمزة في كلمته، فإن رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، قال: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه“.
هذا هو الإسلام الذي تعلمته ونشأت عليه في الأردن:إسلام الإحسان والرحمة، لا انعدام العقل والقسوة.
الإسلام الحنيف الأصيل، لا التطرف المُحدث، إسلام التسامح والسلام، لا العدوانية وتصيد الأخطاء.
الإسلام المبني على الأصول الراسخة، لا المغالاة في التفاصيل حد التطرف.
إسلام النظرة الشمولية التي جاءت في القرآن الكريم والسنة النبوية، لا الانتقائية عبر اجتزاء تفسير الآيات القرآنية والأحاديث لخدمة أجندات سياسية.
هذا هو الإسلام الحنيف الذي يؤمن به أغلبية المسلمين حول العالم، وهم 1.8 مليار من الجيران الطيبين والمواطنين الصالحين الذين يساهمون في بناء الم ستقبل في الأردن والشرق الأوسط وفي الولايات المتحدة وآسيا وأوروبا، وغيرها، ونحن نسعى ونعمل في كل قارة للدفاع عن الإسلام، ضد أقلية هامشية لكنها خبيثة وحاقدة، تستغل ديننا لأغراضها الخاصة، وغايتنا في ذلك ليست نيل رضا أصدقائنا أو رضا العالم، بل غايتنا هي رضا الله، وسنستمر في هذا الجهد ما حيينا، وما دام الإيمان عامرا في قلوبنا، إن شاء الله.
ونحن لسنا وحدنا في مسعانا هذا، فوصيتا حب الله وحب الجار نجدهما مراراً وتكراراً في اليهودية والمسيحية والإسلام والديانات الأخرى حول العالم، إن هاتين الوصيتين تبعثان رسالة عميقة إلى كل واحد فينا، تدعوه إلى الخروج من دائرة الأنا وتجاوز مصالحنا الخاصة الضيقة، وهذه البصيرة المنفتحة هي مصدر الوئام بين الجميع والأمل باستمراره.
وعندما نتحدث عن الأمل والوئام، فما من مسألة أكثر أهمية من القدس الشريف، وهي المدينة المقدسة لدى أكثر من نصف سكان العالم، من مسلمين ومسيحيين ويهود، والقدس للمسلمين هي أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين مع مكة والمدينة المنورة، ويربطني ويربط كل الأردنيين واجب جليل تجاه القدس الشريف ضمن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها.
ويتوجب علينا جميعا المحافظة على القدس الشريف، بتاريخها العريق المبني على تعدد الأديان، كمدينة مقدسة تجمعنا وكرمز للسلام، ولجائزة تمبلتون جزيل الشكر على المساهمة في دعم هذه الجهود، إذ سيتم تخصيص جزء من قيمة الجائزة لدعم مشاريع ترميم المقدسات في القدس ومن بينها كنيسة القيامة، وسيتم التبرع بباقي قيمة الجائزة لدعم الجهود الإغاثية والإنسانية ومبادرات إرساء الوئام بين أتباع المذاهب والأديان في الأردن وحول العالم.
أصدقائي،قال الله تعالى في القرآن الكريم: ” إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.” (سورة الأحقاف، الآية 13)وقال رسول الله سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم: “مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ.” (صحيح مسلم)لقد آن الأوان لنعمل كل ما في وسعنا لتعظيم الخير في عالمنا ولتقريب الناس على أسس الود والتفاهم، وبداية هذه الطريق تكون بجهاد النفس داخل كل شخص منا، لنكون بأفضل صورة ممكنة.
أستذكر معكم الحكمة التي تقول إن الشر يستبد عندما يعجز الصالحون عن العمل، ولكننا إن عملنا معاً، بمشيئة الله، سنتمكن من إنجاز أمر جوهري، وهو الوصول إلى مستقبل يسوده الوئام، وهو ما تنشده وتحتاجه البشرية، فلنمض إذا في هذا الكفاح، في هذا الجهاد الحقيقي.
وأشادت هيذر تمبلتون ديل في كلمتها بجهود جلالة الملك بتعزيز السلام والوئام فيما بين المسلمين، وبين المسلمين والمسيحيين وفقا للوصيتين المشتركتين بين الديانتين : “حب الله وحب الجار”، مشيرة إلى أن مبادرات جلالة الملك من رسالة عمان ومبادرة كلمة سواء وأسبوع الوئام العالمي بين الأديان تؤكد على الواجب الأخلاقي لفهم قيم السلام الموجودة في صميم كل الأديان.
وفيما يلي نص كلمة تمبلتون ديل:
“مساء الخير، اسمي هيذر تمبلتون ديل، رئيسة مؤسسة جون تمبلتون، أرحب بكم بالنيابة عن أمناء مؤسسة جون تمبلتون في احتفال تكريم الفائز بجائزة تمبلتون للعام 2018، جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.
العميد هوليريث، أشكرك على هذه المقدمة الجميلة، وأشكرك أيضا لإعطاء مؤسسة جون تمبلتون فرصة عقد هذه الاحتفالية هنا في كاتدرائية واشنطن الوطنية البهية والتي تعتبر بيت صلاة لجميع الناس.
كما يسعدنا جدا مشاركة سعادة السيد أنطونيوغوتيرس، الأمين العام للأمم المتحدة، أشكرك جزيل الشكر على وجودك معنا في هذه الأمسية.
اسمحوا لي أن أتحدث قليلا عن الرجل الذي نجتمع هذه الليلة بفضل رؤيته، وهو السير جون تمبلتون الذي أطلق هذه الجائزة عام 1972، والتي تمنح لأشخاص كانت لهم مساهمات استثنائية في خدمة وإثراء الجانب الروحي لدى الناس، أسس السير جون هذه الجائزة لأنه كان يؤمن أن الجانب الديني مهم جداً في حياة وشؤون البشرية ولكنه لا يحظى بالتقدير المطلوب، فأراد أن يكرّم أولئك الذين يقدمون مساهمات مميزة تنبع من إيمانهم الديني العميق بهدف تحقيق ازدهار الإنسانية.
لقد كان السير جون تمبلتون خبيرا ماليا ورائدا في الاستثمار العالمي، وقد أنشأ بعض أنجح صناديق الاستثمار في العالم لأنه بحث عن فرص الاستثمار خارج الولايات المتحدة، لقد كان مثابرا وجريئا ومنفتحاً على الأفكار الجديدة.
وإضافة إلى ذلك، كان مثالا للروح المحبة للاستطلاع وللذهن المنفتح والذي يتعدى الأعمال التجارية، فقد تساءل “هل من الممكن أن تكون هناك بعض المبادئ الروحانية التي تتفق عليها جميع الأديان؟ هل يمكن أن يحُدّ الحب واتساع الرعاية الإلهية من اختلافاتنا؟” وفي طرحه لهذه الأسئلة، لم يتوان عن الوصول إلى النتائج، فقد كتب: “إن ثروة الأمم الحقيقية، لا تتأتّى من مواردها المعدنية، بل من الطريقة التي تزرع وتسخّر بها الحب في عقول وقلوب شعوبها”، قد يسهل علينا التقليل من أهمية هذه الفكرة، فنتساءل: هل يُحدث الحب فرقا فعلا في العلاقات البشرية؟ هل يمكن للحب أن يكون جسرا بين الأديان المختلفة؟.
وفي هذه الليلة، نشيد بجهود جلالة الملك بتعزيز السلام والوئام فيما بين المسلمين، وبين المسلمين والمسيحيين وفقا للوصيتين المشتركتين بين الديانتين: “حب الله وحب الجار”، وتؤكد كل من رسالة عمان ومبادرة كلمة سواء وأسبوع الوئام العالمي بين الأديان على الواجب الأخلاقي لفهم قيم السلام الموجودة في صميم كل الأديان، ونحن في مؤسسة جون تمبلتون لا نعتقد أن هناك رسالة أخرى للسلام والتصالح تفوق هذه أهمية وجدارة بأن يسمعها وأن يعتنقها العالم أجمع في القرن الـ21.
ولهذا جاءت جائزة تمبلتون: لتعزيز أهمية الدين العميقة والثابتة والرؤى التي تدعو إليها.
إن جلالة الملك عبدالله الثاني شخص صقلته المسؤوليات السياسية في زمننا الراهن، إلا أنه يعتبر الإيمان وحرية التعبير الديني من أهم مسؤولياتنا وغاياتنا كبشر.
لقد قال سماحة البروفيسور إيان تورانس في رسالته لتأييد ترشيح جلالة الملك عبدالله الثاني للجائزة: ” إن الإنجازات بالغة الأهمية التي قام به جلالة الملك عبدالله الثاني تتجلى في قيادته الحاسمة وفي جمعه للمؤسسات القيادية في العالم الإسلامي لتدعو إلى ترك الطائفية ونبذ تكفير الآخر، ومن خلال العلم والقدوة الحسنة والتشجيع ونشر الأعمال المكتوبة، قام الملك عبدالله بتوفير المساحة المطلوبة لتمكين الأطر المرنة ضمن الإسلام من مراجعة وإعادة ضبط المسائل المتعلقة بالعدالة والعلاقات بين الأديان وحسن الجوار“.
وهكذا، فإن جلالة الملك يجسد القيم التي ألهمت جدي لإنشاء جائزة تمبلتون ومؤسسة جون تمبلتون، وإنه لمدعاة للسرور أن نحتفي بإنجازات جلالة الملك في هذا الحفل.
وبالنيابة عن مجلس أمناء المؤسسة، أتقدم بالتهنئة للفائز بجائزة تمبلتون لعام 2018 جلالة الملك عبدالله الثاني.
يسعدني هذا المساء أن أقدم عالمين اثنين ليحدثاننا عن وجهات نظرهم حول أهمية وتأثير إنجازات جلالة الملك عبدالله الثاني، وبدلا من تقديم كل قبل كلمته، اسمحوا لي أن أقدمهما الآن:
الشيخ حمزة يوسف هو رئيس كلية الزيتونة في بيركلي، كاليفورنيا، أول جامعة إسلامية للفنون الحرة التي تم اعتمادها كمؤسسة تعليم عال في الولايات المتحدة، وهو فيلسوف وعالم دين ومثقف ومتحدث متابع على نطاق واسع، وبحسب مجلة نيويوركر: “لعله العالم الإسلامي الأكثر تأثيرا في الغرب”، لقد اعتنق الإسلام في السابعة عشرة من العمر وهو من بين الخمسمئة مسلم الأكثر تأثيرا في العالم، حيث يقدم المشورة لمراكز الدراسات الإسلامية وللقادة ورؤساء الدول في أنحاء العالم وله أثر جليّ على جيل من علماء الإسلام.
أما البرفسور ميروسلاف فولف فهو بروفيسور علم اللاهوت في جامعة ييل ومؤسس ومدير مركز ييل للأديان والثقافة، وفي تشرين الأول عام 2007 كان المساهم الرئيس في الرد المسيحي على وثيقة “كلمة سواء بيننا وبينكم” وهي الرسالة المفتوحة ذات الأهمية التاريخية والتي وقعها 138 من العلماء المسلمين ورجال الدين والمثقفين والذين حددوا الأسس المشتركة التي تقع في صميم الديانتين المسيحية والإسلامية، وأحدث كتبه “الازدهار: لماذا نحتاج الدين في عالم معولم“.
وسنستمع هذا المساء، اليوم لفقرات ممتعة يقدمها كبار فناني الأردن وأشهرهم: المطربتان زين عوض وإيمان بيشة وجوقة دوزان وأوتار وأوركسترا المعهد الوطني الأردني للموسيقى بإشراف المنتج وعازف البيانو السيد طلال أبو الراغب.
وختاما، نرحب بسعادة السيد أنطونيو غوتيرس، الأمين العام التاسع للأمم المتحدة والذي تولى هذا المنصب في الأول من كانون الثاني 2017، وقبل توليه لمنصب أمين عام الأمم المتحدة تولى السيد غوتيرس منصب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من حزيران 2005 حتى كانون الأول 2015 حيث ترأس إحدى أكبر منظمات العمل الإنساني في العالم خلال أخطر أزمات اللجوء والنزوح منذ عقود.
السيدات والسادة، شكرا لحضوركم معنا في هذه الأمسية للاحتفال بجلالة الملك عبدالله الثاني وتكريمه“.
جوتيريس يؤكد أن الملك يستحق جائزة تمبلتون المرموقة بجدارة.
جوتيريس: الهاشميون لهم تاريخ طويل في احترام الأديان الأخرى وهذه السلالة النبيلة تضم منذ زمن الأوصياء على المواقع الإسلامية والمسيحية في القدس.
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إن جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي نحتفي بتكريمه الليلة “يستحق هذه الجائزة المرموقة بجدارة“.
وأضاف أن رسالة عمان التي أطلقها جلالة الملك في 2004 عكست رؤية ثاقبة وتعبيرا عن الوحدة والاحترام المتبادل والأخوة بين جميع المسلمين، وهي “رسالة خير وصداقة وأمل للعالم أجمع“.
وأكد أن دعم جلالة الملك للمبادرات العلمية، مثل مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي عزز التفاهم المشترك والتعاون فيما بين المسلمين، فيما سعت مبادرة كلمة سواء التي أطلقها جلالته عام 2007 إلى الحد من التوترات بين المسلمين والمسيحيين من خلال العمل بالقيم المشتركة بين الديانتين ألا وهي “حب الله وحب الجار“.
وفيما يلي نص الكلمة التي ألقاها الأمين العام للأمم المتحدة خلال الحفل:
جلالة الملك عبد الله الثاني، هناك الكثير من الأعمال التي يقوم بها أمين عام الأمم المتحدة، مجبراً بحكم منصبه، ولكن، ولحسن الحظ، فإن هناك أموراً أستطيع أن أقوم بها بحماسة ومتعة حقيقيتين مثل وجودي هنا هذا المساء، في هذه الكاتدرائية البهية لأشيد بجهود وإنجازات الملك عبدالله، السياسي المميز، ورسول السلام، والصديق العزيز، إذا سمحتم لي، يا جلالة الملك، أن أصفكم بذلك.
وفي هذا العالم الذي نرى فيه، للأسف، الكراهية والفوضى في انتشار مستمر، هناك القليل ممن يمكن وصفهم بأعمدة الحكمة والتعاطف، والفائز بجائزة تمبلتون لهذا العام (جلالة الملك) هو أحد أهم هذه الأعمدة وأكثرها ثباتاً.
وهكذا، إنه لشرف عظيم أن نكون هنا هذه الليلة لنحتفي بجلالة الملك عبدالله الثاني، والحقيقة أن هذا التكريم لا يفاجئ من يعرف جلالة الملك كما أعرفه بنفسي، فجلالة الملك عبدالله الثاني يستحق هذه الجائزة المرموقة بجدارة.
تم تكريم الكثير من الفائزين بجائزة تمبلتون على أعمالهم في التوفيق بين الإيمان بالله من جهة والبحوث العلمية في العلوم والرياضيات من جهة أخرى، علما بأنني، ومن تجربتي الشخصية كدارس للهندسة ومؤمن بالله، لم أجد أبدا تناقضا بين هذه العناصر الأساسية للتجربة الإنسانية، إلا أن جلالة الملك عبدالله يطبق مبادئ دينه في فضاء مختلف تماما ألا وهو القيادة السياسية والدبلوماسية العالمية.
إن النجاح في ميدان الشؤون الدولية يعتمد على التوصل لأرضية مشتركة ولمبادئ جامعة.
يدرك الملك عبدالله أن هذه العوامل المشتركة موجودة في القيم التي تجمعنا كأفراد البشرية الواحدة فهي موجودة في حياتنا الروحانية وفي أديان العالم ، وكثيرا ما استخدم الدين ليفرق بيننا، غير أن ما ينبغي له هو أن يوفر السبل لجمع الناس باختلافاتهم وتعدديتهم.
ومن خلال السعي للوئام والتفاهم الديني فيما بين أتباع الإسلام وبين الإسلام والأديان الأخرى، قدم الملك عبدالله بشجاعة مثالا يبين لنا أنه عندما نؤمن بتلك القوة الكبرى فإنها ستجسّر الاختلافات وتخلق الوحدة وتسهم بتحقيق السلام والاستقرار والأمن.
أصحاب السعادة،
السيدات والسادة،
الأصدقاء الأعزاء، إن جهود الملك عبدالله لتكريس السلام ضمن الإسلام وبين المسلمين وأتباع الديانات الأخرى قد أسهمت بشكل كبير في السلم والتقدم العالميين.
وقد سمعنا إشارات مهمة هذه الليلة لرسالة عمّان والتي كانت مبادرة فذة أطلقها الملك عبدالله في 2004 عكست تعبيرا عن الوحدة والاحترام المتبادل والأخوّة بين جميع المسلمين وهي أيضا رسالة خير وصداقة وأمل للعالم أجمع.
تشير هذه الرسالة إلى ما يعرّف المسلمين والمجتمع المسلم من قيم التعاطف والرحمة واحترام الآخر وحرية المعتقد، أما تأكيدها على أنه ليس للإرهاب والعنف مكان في الإسلام فقد كان جهدا لاقى ترحيبا كبيرا وقد جاء في وقته المناسب ليمنع من تصعيد التوترات الطائفية، كما ذكر هذا المساء.
كما أن دعم الملك عبدالله الثاني للمبادرات العلمية، مثل مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي قد عزز التفاهم المشترك والتعاون فيما بين المسلمين.
لقد سعت مبادرة كلمة سواء التي أطلقها الملك عبدالله عام 2007 والتي تمت الإشارة إليها عدة مرات هذا المساء إلى الحد من التوترات بين المسلمين والمسيحيين من خلال العمل بالقيم المشتركة بين الديانتين، والتي ذُكّرنا بها عدة مرات هذا المساء، ألا وهي حب الله وحب الجار.
وقد تم تبني اقتراح الملك عبدالله لتخصيص أسبوع عالمي للوئام بين الأديان بالإجماع، ويحتفل العالم بهذا الأسبوع كل عام.
ينحدر الهاشميون من نسل النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، ولهم تاريخ طويل في احترام الأديان الأخرى، وهذه السلالة النبيلة تضم منذ زمن الأوصياء على المواقع الإسلامية والمسيحية في القدس.
وقد واصل الملك هذا التقليد بكثير من الوسائل، حيث موّل بناء الكنائس المسيحية في الضفة الشرقية من نهر الأردن ومد يد العون للمسيحيين الذين تعرضوا لتهديد داعش في سوريا والعراق.
بالإضافة إلى الملايين من اللاجئين الفلسطينيين، لقد استقبل الشعب الأردني مئات الآلاف من السوريين وعشرات الآلاف من اللاجئين العراقيين بمنتهى الكرم الذي يجب الإشادة به في عالم كثيراً ما يُنسى فيه اللاجئون أو يتم نبذهم.
وعلي أن أعترف لكم بأمر ما، ففي أثناء عملي مفوضاً سامياً لشؤون اللاجئين، زرت الأردن عدة مرات، كان الأردن يدفع ثمناً باهظاً بسبب الصراع في سوريا جراء أثر الحرب المباشر على أمنه، وبسبب وجود عدد كبير من اللاجئين الذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان.
ولكنني كمفوض للاجئين كنت أجد نفسي مضطراً للطلب من الحكومة الأردنية أن تفعل المستحيل وما يتعداه، وكان المسؤولون في الحكومة يقولون لي إن ما أطلبه فعلاً غير ممكن، ولكنني عندما كنت ألتقي جلالتكم، سرعان ما يصبح المستحيل واقعاً.
فأنتم، يا جلالة الملك، رمز استثنائي للكرم والتكافل في عالمنا هذا، ولن أنسى ذلك أبداً، لأنني عشت خلالها بعضاً من أصعب اللحظات في حياتي.
وأنا أدرك أنكم تستلهمون كرمكم هذا من الإسلام ومن قيم التكافل مع أخواتك وإخوانك من البشر.
إن استثمار الملك عبدالله في الإنسانية والتضامن كان واضحا دائما من خلال عمله مع الشباب في الأردن وفي الأمم المتحدة وفي أنحاء العالم، فهو يقوم بدور قيادي في توعية الشباب بقيمتهم وأهميتهم ووجوب احترامهم.
وتأتي هذه كجزء من جهود الملك الأوسع في تعزيز حرية المعتقد والتماسك الاجتماعي والاحترام المتبادل وإشراك الجميع وبثّ الأمل.
لقد تحمل الملك عبدالله مسؤولية التصدي لجذور المشاكل التي يمكن أن تقوّض التماسك الاجتماعي وأن تخلق بيئة يزدهر فيها التطرف، لقد بيّن جلالته كيف تكون القيادة الحقة في زمننا هذا ولعالمنا هذا.
الأصدقاء الأعزاء، إننا نواجه مشاكل عصيّة تتعلق بانعدام الأمن والاستقرار في كثير من أنحاء العالم، وتشهد المجتمعات انقسامات وصعودا للعنصرية والخوف من الآخر ومعاداة السامّية والخوف من الإسلام (إسلاموفوبيا).
لقد أسهمت الديانات التوحيدية الثلاث بإثراء عالمنا والحضارة العالمية، وكلها تعطي قيمة كبرى للتضامن والإنسانية، لكن لا يمكننا أن نقف متفرجين وسط محاولات لتحريض أتباع هذه الأديان ضد بعضهم البعض بهدف تمرير أجنداتهم الساعية إلى الهيمنة والتخويف.
إن قيادة الملك عبدالله المبنية على مبدأ حب الله وحب الجار هي الترياق الذي يلقى صدى في كل مكان على نطاق المجتمعات والساحة الدولية.
وأؤكد هنا أن هذه الرسالة لا تتعلق بالتسامح فحسب وذلك لأن التسامح وحده غير كافٍ، بل إن جلالته يدعونا لما هو أكثر من ذلك، إن رسالته هي رسالة حب وتضامن.
إنني أتمنى أن تساعد هذه الجائزة المرموقة في نشر رسالته أكثر وأكثر.
أهنئك يا جلالة الملك على هذه الجائزة وأتمنى لك النجاح في كل مساعيكم المستقبلية.
شكرا جزيلاً.
وقال بروفيسور علم اللاهوت في جامعة ييل، ومؤسس ومدير مركز ييل للأديان والثقافة، ميروسلاف فولف، إن الإنجازات في المجال الديني التي قادها جلالة الملك عبدالله الثاني “كبيرة وجليلة“.
وأشار إلى أهمية الجهود التي بذلها جلالته، لتوضيح صورة الإسلام السمح واحتواء ردات الفعل على كثير من القضايا التي اثارت الشارع المسلم، حيث اسهمت مبادرة “كلمة سواء بيننا وبينكم” التي اطلقها جلالته في رسم مسار يقود إلى حوار بين الأديان وتعزيز القيم الدينية والإنسانية التي تدعو لها الديانات السماوية.
وبين أن مركز الإيمان والثقافة بجامعة ييل قدم ردا على مبادرة كلمة سواء عرف بـ (رد ييل) الذي أيده مئات من كبار رجال الدين المسيحي من كل أنحاء العالم، “وكانت هذه أولى مئات المبادرات لبناء الجسور التي أطلقها المسيحيون مستلهمين فكرتها من مبادرة (كلمة سواء).
وقال البروفيسور فولف إن الإنجازات في المجال الديني التي قادها جلالة الملك كبيرة وجليلة، بعد أن أدت أحداث 11 أيلول إلى تدهور العلاقات بين المسلمين والمسيحيين، وتبعتها الحرب على العراق التي أشعلت الغضب في صدور الكثير من المسلمين، وتلاها نشر الرسوم الكاريكاتورية الدانماركية في أيلول 2005.
وأضاف إنه لرسم مسار يقود إلى الخروج من هذا الصدام، كانت هناك حاجة لرؤية ثاقبة ومعرفة عميقة بالدين، “وبالفعل، تطلب مثل هذا الجهد الكثير من الشجاعة السياسية والحنكة الدبلوماسية لحمل 150 من كبار علماء المسلمين على سلوك هذا الطريق، وقد حقق هذا الإنجاز جلالة الملك عبد الله الثاني الذي نحتفي به اليوم وفريقه من خلال نص واحد قصير، وأنا أشير هنا إلى مبادرة (كلمة سواء بيننا وبينكم)“.
وأكد أن من أهم أهداف مبادرة “كلمة سواء” هو تغيير الطريقة التي يتعامل بها المسلمون والمسيحيون مع بعضهم البعض، ويلخص عنوان هذه الوثيقة طابع هذا التغيير؛ فهي مقتبسة من آية من القرآن الكريم تقول: “قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم” (سورة آل عمران).
وأشار إلى أن المبادرة تدعو للحوار بدلا من التهديد والوعيد، فهي تحث الطرفين على التقارب من بعضهما ليتجاوزا هذا البعد الجاف الذي تخلقه نظرة “قومنا ضد قومهم” وتدعو لحوار جدي للبحث عن الحقيقة بدلا من التناحر عملا بنص الآية، وتدعو للتركيز على ما هو مشترك بين الطرفين “الكلمة السواء” مع الإبقاء على هوية كل منهما، والابتعاد عن اجترار الاختلافات الكبرى والظلم الذي ألحقوه ببعضهم البعض في الماضي.
وقال البروفيسور فولف إن هذه الدعوة تصدر عن إيمان راسخ بأن التناحر ليس حلا، وأن الأدوات الوحيدة التي تستطيع حل الخلافات بين المسلمين والمسيحيين هي الحوار، على الرغم من أن البعض يعتقد أن هذا مجرد كلام لا يفيد ولا ينفع، بينما الأسلحة هي التي في الحقيقة لا تنفع.
وأضاف أن أبرز ما جاءت به المبادرة هي الدعوة لحوار يبتغي الحقيقة، إلا أن العبقرية الحقيقية في هذه الوثيقة تكمن في بُعد آخر، حيث إن الحوار ليس بالأمر الجديد وليس حكرا على أي زمان أو مكان.
وأكد أن الطرح الرئيس في وثيقة كلمة سواء هو أن ما يجمع بين الدينين في وصيتي حب الله وحب الجار هو الأمر المهم فعلا بالنسبة لأتباعهما، وكان الاقتراح البسيط والذكي هو أن نضع ما يعتبره الدينان مسائل محورية في صدارة الحوار بينهما.
وقال إن المبادئ التي تقوم عليها المبادرة تقود للفهم الحقيقي لمعنى أن تحب الله وتحب الجار واسهامات ذلك في قيادة التصدي لمسائل شائكة في العلاقة بين الطرفين.
وأضاف أن مبادرة كلمة سواء عالجت كبرى الصراعات الدينية في زمننا وهي مسائل تعني نصف البشرية تقريبا، إلا أن التوترات العالمية الكبرى لا تتعلق بالدين بل بالقومية.
وأكد أن مبادرة “كلمة سواء”، تكتسب في تركيزها على حب الله وحب الجار، أهمية إضافية في وقتنا الراهن؛ لأنه عندما يصبح حب الله وحب الجار قيمة عليا عند الإنسان، فإنه يتبنى فكرا جامعا للبشرية كلها، فالله الواحد هو -حكماً- إله البشرية جمعاء، والجار هو أي إنسان في أي مكان.
وقال البروفيسور فولف “إن التحدي الأكبر في زماننا، والذي نغفله كثيرا، هو نسياننا لما هو مهم حقا وانصرافنا عن الحياة التي تستحق بالفعل أن نعيشها. وكانت هذه المسألة في صميم التقاليد الدينية والفلسفية العظيمة على مر قرون من الزمن، غير أننا انشغلنا اليوم بتجميع موارد العيش وبالسعي وراء المال والمهارة والشهرة وغفلنا عن الغرض الأساسي من حياتنا.
وأضاف “في ظل هذه التهديدات العالمية، أصبحنا بحاجة ملحة للبحث عن الحقيقة من خلال إحياء الحوار حول ما هو مهم فعلا وأولويتنا في حياتنا. فالقضية تمسنا على المستوى الشخصي لأنها تتعلق بالمعنى والغاية من حياتنا، وتمسنا أيضا على المستوى السياسي لأنها تتعلق بمستقبل البشرية“.
وأكد أن مبادرة “كلمة سواء” بينت الحقيقة جليا، والتي علينا أن لا ننساها أبدا وهي أنه لا يمكن للسلام بين الأديان أن يكون منفصلا عن الحوار حول حب الله وحب الجار؛ فالحوارات التي تبتغي الحقيقة حول ما هو مهم فعلا ليست ترفا، بل هي ضرورة ثقافية، وبدونها لن نتمكن نحن شعوب وسكان هذا الكوكب وخلق الله الواحد من العبور لمستقبلنا البشري المشترك.
كما أكد أنه على المسلمين والمسيحيين نشر هذه الحوارات، حول ما هو مهم فعلا، في مساجدنا وكنائسنا، غير أننا لا يجب أن نبقيها ضمن دائرة الدين والإيمان فحسب، بل ينبغي أن تكون منطلق مشاركاتنا الوطنية وعلاقاتنا الدولية وتبادلاتنا التجارية وأسس عمل وسائل الإعلام، وأنه لا يمكن أن ينجح أي عمل عظيم إلا بالكفاح الطويل والعمل الدؤوب، فليكن هذا دأبنا، ولننذر لهذه القضية العظيمة وقتنا وفكرنا ومواردنا.
القس هوليريث مخاطبا جلالة الملك: أدت جهودكم إلى إرساء العلاقات بين الأديان، وبأفعالكم ومبادراتكم قدمتم خدمة جليلة للإنسانية ولوجه الله.
وكان عميد كاتدرائية واشنطن الوطنية، القس راندولف مارشال هوليريث، قد رحب بجلالة الملك، في بداية الحفل، مشيدا بجهود جلالته في تعزيز الحوار بين الأديان والسعي نحو تحقيق السلام.
وقال “يسعدني ويشرفني أن أرحب بكم جميعا، بصفتي عميد كاتدرائية واشنطن الوطنية، وخاصة بجلالة الملك عبدالله الثاني والأمين العام غوتيريس، ونحن ممتنون لهيذر تمبلتون ديل وأمناء مؤسسة جون تمبلتون على منحنا الفرصة لاستضافة هذه الاحتفالية في دار العبادة المفتوحة أبوابها للجميع“.
وأضاف أن للكاتدرائية أولويات أساسية هي الترحيب بكل الناس، وتعميق علاقتنا بالله وببعضنا البعض، وخدمة جميع خلق الله، وتشجيع الحوار حول أهم المسائل التي تخص عيشنا المشترك.
وقال القس هوليريث مخاطبا جلالة الملك “أنتم رحبتم أيضا بجميع الأطراف ليجلسوا على طاولة الحوار، فقد جمعتم القادة في مساعيكم لتحقيق السلام في الأراضي المقدسة، وأدت جهودكم إلى إرساء العلاقات بين الأديان، وبأفعالكم ومبادراتكم قدمتم خدمة جليلة للإنسانية ولوجه الله الذي خلقنا جميعا“.
وأضاف أنه في إحدى زوايا هذه الكاتدرائية “تجدون تمثالا لأبراهام لينكولن، والذي ذكرنا في عام 1865 بأن إرادة الله تنعكس في أعمالنا الصالحة، والعمل في سبيل السلام والتفاهم المشترك هو ما ينال رضا الله، ويقدم جلالة الملك في جهوده مثالا لنا جميعا في العمل لنيل رضا الله في هذا المجال“.
وفي دعاء للقس راندولف مارشال هوليريث، في اختتام حفل تسليم جلالة الملك عبدالله الثاني جائزة تمبلتون، قدم الحمد والشكر لله على نعمه التي عمت شعوب العالم، داعيا إلى مجتمع متحاب ينعم الفقير والغني فيه بنفس الفرص لحياة كريمة ومنتجة.
وحضر حفل تسليم الجائزة، سمو الأمير غازي بن محمد، كبير مستشاري جلالة الملك للشؤون الدينية والثقافية، المبعوث الشخصي لجلالته، ومستشار جلالة الملك، مدير مكتب جلالته، ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، ووزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، ومستشار جلالة الملك للشؤون الاقتصادية، والسفيرة الأردنية في واشنطن، ومندوبة الأردن الدائمة لدى الأمم المتحدة، وعدد من كبار علماء المسلمين ورجال الدين المسيحي.
وكان السير جون تمبلتون قد أطلق الجائزة عام 1972، ليتم منحها لأشخاص كانت لهم مساهمات استثنائية في خدمة وإثراء الجانب الروحي لدى الناس.
وتخلل حفل تسليم الجائزة عرض فيلم يستعرض أبرز مبادرات الوئام بين أتباع الأديان والمذاهب التي اطلقها جلالة الملك، والقيم التي تميز النسيج الاجتماعي الأردني من المحبة والتسامح والتآخي والعيش المشترك، وأداء فقرات فنية متنوعة تعبر عن التراث الأردني والعالمي، قدمتها الفنانة زين عوض ومغنية الأوبرا الأردنية إيمان بيشة، وجوقة دوزان وأوتار، وأوركسترا المعهد الوطني الأردني للموسيقى بإشراف المنتج وعازف البيانو طلال أبو الراغب.
بترا