تصدرت فرص توسيع التعاون السياسي والاقتصادي بين الأردن واليابان وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بينهما مباحثات جلالة الملك عبدالله الثاني مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، في طوكيو اليوم الثلاثاء.
وأكد جلالته ورئيس الوزراء الياباني الحرص على الارتقاء بالعلاقات الثنائية ومواصلة التنسيق والتشاور إزاء مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، خدمة لمصالح البلدين والشعبين الصديقين.
وأكد رئيس الوزراء الياباني أن اليابان مستمرة بثبات في دعم الأردن بكل السبل من خلال القطاعين العام والخاص.
وقال إن اليابان تعمل على تشجيع استثمارات القطاع الخاص الياباني في الأردن.
وأضاف أنه “بناء على هذه القاعدة الجديدة، أتمنى أن نرى تطورا في مستوى التبادل الاقتصادي بين الأردن واليابان“.
وشدد رئيس الوزراء الياباني على أن الأردن شريك استراتيجي مهم لا غنى عنه، وقال “أنا ملتزم بالعمل جنبا إلى جنب مع جلالة الملك عبدالله الثاني لتنمية العلاقات بين اليابان والأردن في كل المجالات المتاحة“.
وكان جلالة الملك ورئيس الوزراء الياباني، شهدا عقب المباحثات، توقيع اتفاقية لتشجيع وحماية الاستثمار بين البلدين، واتفاقية قرض سياسة التنمية (قرض دعم الموازنة العامة) المقدم من الحكومة اليابانية للأردن بقيمة 300 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات، وقعهما عن الأردن وزيرة التخطيط والتعاون الدولي وعن اليابان وزير الخارجية.
وفي تصريحات صحفية مشتركة مع رئيس الوزراء الياباني، عقب المباحثات، أكد جلالة الملك متانة العلاقات الاستراتيجية الراسخة بين البلدين والشعبين الصديقين.
وتاليا نص تصريحات جلالة الملك:
“صديقي العزيز فخامة رئيس الوزراء.
باسمي وباسم الوفد المرافق، أود أن أعبر عن مدى سعادتنا بزيارة بلدكم الرائع مرة أخرى. وأشكركم فخامة رئيس الوزراء وأشكر جميع المؤسسات اليابانية على حسن الاستقبال والتعاون الكبير الذي لمسناه.
كما أود أيضا أن أتقدم بالتهنئة لليابان ولمدينة أوساكا على الفوز باستضافة معرض إكسبو الدولي 2025، وهذا إنجاز مستحق بالفعل.
تشرفت خلال هذه الزيارة بلقاء جلالة الإمبراطور وجلالة الإمبراطورة مجدداً، وكذلك لقاء سمو ولي العهد (الأمير ناروهيتو)، والتي شكلت فرصة لتعزيز العلاقات التاريخية بين أسرتينا.
لقد أثبتت اليابان باستمرار أنها شريك راسخ ويعتمد عليه. ونقدر عاليا دعمكم الذي ساهم في التخفيف من أعباء أزمة اللجوء التي يشهدها بلدنا. كما نقدر عالياً أيضاً جهود اليابان الدولية التي ساعدتنا في التعامل مع التحديات التي نواجهها بسبب موجات اللجوء المتعددة، بالإضافة إلى التحديات المرتبطة بالأونروا.
ونود أن نشكركم أيضاً على الشراكة الاستراتيجية المتينة، والتي تمتد لتشمل محاربة الإرهاب والتطرف.
وخلال مباحثاتنا اليوم، ناقشنا عدة تحديات إقليمية بما فيها الأزمة السورية، وعملية السلام، والاستقرار الضروري لمنطقتنا.
إن جهود اليابان، سواء في المجالات الدبلوماسية أو الاقتصادية أو التنموية، تجاه جميع التحديات أمامنا هي موضع ترحيب وتقدير الأردن.
وناقشنا أيضاً التحديات المرتبطة (بعملية السلام) بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأؤكد هنا أهمية حل الدولتين الذي يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل.
إن ترك هذا التحدي دون حل سيديم الصراع، وهو ما يخدم أجندة الإرهابيين ويستمر في تعطيل التقدم والازدهار في المنطقة.
أتقدم مرة أخرى، بالشكر لصاحبي الجلالة الإمبراطور والإمبراطورة، ولسمو ولي العهد (الأمير ناروهيتو)، ولشعب وحكومة اليابان على العلاقات الطيبة المستمرة بين بلدينا وعلى حسن الاستقبال والترحيب الذي نلمسه دائما عندما نزور بلدكم.
إن الأردن يفخر حقا بهذه العلاقة والشراكة معكم. ونشكر فخامتكم لقيادتكم ودعمكم لعلاقاتنا الثنائية“.
بدوره، أكد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أهمية الدور الذي يقوم به الأردن بقيادة جلالة الملك من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة.
وتاليا نص تصريحات رئيس الوزراء الياباني:
“مرة أخرى، أود أن أعبر عن ترحيبي الحار بجلالة الملك عبدالله الثاني في زيارته لليابان.
الأردن هو محور الاستقرار في الشرق الأوسط، وأود أن أعبر عن عميق احترامي وتقديري لدور جلالة الملك في قيادته المتوازنة للدولة وسط ظروف صعبة.
تأتي هذه الزيارة لجلالة الملك إلى اليابان بعد زيارتي للأردن في شهر أيار، في إطار تبادل الزيارات بين قيادتي بلدينا لهذا العام. وخلال مباحثاتنا اليوم لتطوير الشراكة الاستراتيجية بين اليابان والأردن، سعدت بالتبادل الصريح والمهم للآراء مع جلالة الملك.
ونحن نقدر عاليا جهود الأردن وكرمه في استضافة عدد كبير من اللاجئين السوريين وفي بذله أقصى الجهود للتعامل مع عملية السلام في الشرق الأوسط وفي اتخاذه إجراءات ضد الإرهاب والتطرف. وقد أكدت أن اليابان مستمرة بثبات في دعم الأردن بكل السبل من خلال القطاعين العام والخاص.
وكجزء من هذه الجهود نرحب اليوم بتوقيع اتفاقية قرض سياسة التنمية لتعزيز بيئة الأعمال والتشغيل والإصلاح المالي المستدام، ونعتقد أن هذا القرض سيساهم في الإصلاح المالي والاستقلال الاقتصادي والتنموي للأردن.
إن اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار المشترك التي تم توقيعها قبل قليل ستسهم في تطوير الجهود، حيث تعمل اليابان على تشجيع استثمارات القطاع الخاص الياباني في الأردن. وبناء على هذه القاعدة الجديدة، أتمنى أن نرى تطورا في مستوى التبادل الاقتصادي بين الأردن واليابان.
بينما تسعى اليابان إلى تقوية جهودها الدبلوماسية في الشرق الأوسط، يعد الأردن شريكا استراتيجيا مهما لا غنى عنه، وخلال لقائنا اليوم وكما هو الحال دائما، أود أن أعرب عن امتناننا لجلالة الملك على المباحثات المهمة والمثمرة حول التطورات المختلفة في الشرق الأوسط، وعلى رؤيته الثاقبة وأفكاره المهمة، ونحن مستمرون في توسيع وتقوية الحوار والتعاون بيننا في شتى الميادين، ومنها السياسية والأمنية والعسكرية ومكافحة التطرف وغيرها من المجالات.
وأنا ملتزم بالعمل جنبا إلى جنب مع جلالة الملك عبدالله الثاني لتنمية العلاقات بين اليابان والأردن في كل المجالات المتاحة، والمساهمة معا في تحقيق السلام والازدهار في المنطقة والعالم.
شكرا لكم جلالة الملك“.
وخلال المباحثات، جدد جلالة الملك ورئيس الوزراء الياباني التأكيد على ضرورة البناء على الاتفاقيات المشتركة وتعزيز الاستثمارات اليابانية في الأردن، فضلا عن تطوير التعاون في المجالات الصناعية والعسكرية والتدريب المهني وتبادل الخبرات في عدد من القطاعات الحيوية.
ولفت جلالة الملك إلى أهمية الاجتماع الرابع لحوار السياسات المشترك بين الأردن واليابان الذي سيعقد في عمان مطلع العام المقبل، وبما يسهم في توسيع مجالات التعاون بين البلدين.
كما أشار جلالة الملك إلى أهمية مشاركة اليابان في المؤتمر الذي تستضيفه العاصمة البريطانية لندن مطلع العام القادم لدعم الاقتصاد والاستثمار في المملكة، مؤكدا جلالته أن الأردن سيركز خلال المؤتمر على الخطط والبرامج التي من شأنها زيادة النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل للأردنيين.
وأعرب جلالته عن تقديره لليابان على دعمها للاقتصاد الأردني لتنفيذ العديد من البرامج التنموية، مشيرا إلى أهمية قرض سياسة التنمية الذي ستقدمه الحكومة اليابانية للأردن.
وتناولت المباحثات، التي حضرها سمو الأمير عمر بن فيصل وعدد من كبار المسؤولين في البلدين، مجمل التطورات في منطقة الشرق الأوسط، ومساعي التوصل إلى حلول سياسية لها.
وتطرقت المباحثات إلى جهود الحرب على الإرهاب والتعاون الأردني الياباني بهذا الخصوص، حيث قدر جلالته مشاركة اليابان الفاعلة في اجتماعات العقبة الهادفة إلى تعزيز التنسيق والتعاون الأمني والعسكري وتبادل الخبرات والمعلومات بين مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لمحاربة الإرهاب، ضمن استراتيجية شمولية.
وحضر المباحثات وزير الخارجية وشؤون المغتربين، ومستشار جلالة الملك، مدير مكتب جلالته، ووزيرة التخطيط والتعاون الدولي، والقائم بأعمال السفارة الأردنية في طوكيو، فيما حضرها عن الجانب الياباني وزير الخارجية، ومستشارو رئيس الوزراء وعدد من المسؤولين، والسفير الياباني في عمان.
وجرت لجلالة الملك مراسم استقبال رسمية لدى وصوله مقر رئاسة الوزراء اليابانية، حيث عزفت الموسيقى السلامين الملكي الأردني والوطني الياباني، واستعرض جلالته حرس الشرف الذي اصطف لتحيته.
وأقام رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، والسيدة عقيلته، مأدبة عشاء رسمية تكريما لجلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله والوفد المرافق.
وكانت جلالة الملكة رانيا العبدالله التقت مع عقيلة رئيس الوزراء الياباني السيدة أكي آبي، حيث جرى بحث عدد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك وبخاصة القضايا المتعلقة بالتعليم والأطفال.
وفي مقابلة صحفية، أوضحت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي ماري قعوار أن اتفاقية القرض الميسر التي وقعت اليوم مع اليابان بقيمة 300 مليون دولار أمريكي، تهدف إلى دعم الاستقرار الاقتصادي وبيئة الأعمال وتوفير فرص عمل في المملكة.
وأضافت أنه وفي ظل زيادة المديونية يقدم الأردن على القروض الميسرة لسداد قروض قديمة ذات فائدة عالية.
وأكدت قعوار أن اليابان شريك استراتيجي للأردن منذ سنوات عديدة، فقد حصل الأردن منذ عام 2009 وحتى اليوم على مساعدات من اليابان بقيمة 4ر1 مليار دولار أمريكي موزعة على منح بقيمة 579 مليون دولار وقروض ميسرة بقيمة 784 مليون دولار، إضافة إلى التعاون التقني والمساعدات الفنية من خلال الوكالة اليابانية للتعاون الدولي “جايكا“.
وبينت أن مساعدات وكالة جايكا ساهمت في رفع القدرات المؤسسية للنهوض بالاقتصاد الوطني في العديد من القطاعات كالصحة والتعليم والمياه والطاقة والتدريب المهني والسياحة والزراعة، وشملت أيضا توفير برامج تدريبية للعديد من الكوادر الأردنية واستقدام خبراء في مجالات مختلفة وأيضا استقدام متطوعين من ذوي الخبرة وإجراء دراسات جدوى، إضافة إلى التعاون الإقليمي بين الأردن واليابان والدول الأخرى.