يسرد الفيلم الفرنسي “بونيت” للمخرج جاك دولون الذي تعرضه مؤسسة عبد الحميد شومان يوم غد الاثنين، حكايته أشبه بالمغامرة الجمالية والدرامية الصعبة، محوره امرأة مطلقة وأم لطفلة في الرابعة من عمرها، ويتقاسم معها الأداء مجموعة من الأطفال الصغار.
ليس هذا فقط ما يشكل المغامرة بل أيضا صعوبة الموضوع المرتبط بطفلة تحاول أن تفهم حالة الموت والتعامل مع مشاعر معقدة بعد وفاة امرأة في حادث سير، حيث يضم العمل مشاعر تتطلب منها أداء تمثيلياً معقداً قد يعجز عن تنفيذه ممثلون محترفون كبار.
يتوغل “بونيت” الذي أنجزه دولون العام 1969، في أعماق عقل طفلة صغيرة في الرابعة من عمرها تدعى بونيت، طفلة ذكية إنما لم تختبر الحياة بعد. تعرضت بونيت لحادث سيارة وهي بصحبة أمها، أدى إلى كسر في ذراعها.
في بداية الفيلم يبلغها أبوها أن أمها ستموت، من هنا تأخذ الطفلة في التعامل مع هذا الخبر ومحاولة تفهم الفقد والموت من دواخل طفلة، حيث يتسم سيناريو الفيلم بالقدرة التي يطرح بها موضوعه من خلال مجموعة مشاهد متتالية، تبدو فيها أسئلة إشكالية تجيء على لسان طفلة بطريقة عفوية.
تتالى الأحداث بعد بضعة أيام حين يبلغها والدها ان أمها ماتت ويلح عليها بونيت أن تعده بأنها لن تموت، فيما يكشف بقوة عن تعابير وجه الطفلة المتجهم طوال الوقت، وهو ما يتطلب منها أن تفدم اداء حقيقيا، لا كطفلة، بل كممثلة محترفة تؤدي دورا وحوارا معقدا، وهي تبرع في هذا ما يشير إلى موهبة مبكرة نادرة.
السؤال المهم الذي يطرحه الفيلم هو هل تستوعب بونيت نهاية الموت كما يستوعبها الكبار، فالفيلم لا يدور بالكامل حول الموت لأن موضوعه الآخر هو تطوير الذكاء في مرحلة الطفولة عن تفاعل الأطفال مع بيئتهم واستعدادهم لتلقي المعلومة والمفاهيم بكل ما فيها من حقائق وخيال وتجارب وأسئلة طفولية من محيطهم الإنساني.